كيف دمرت الليبرالية البلد؟

الكاتب:

1 نوفمبر, 2012 لاتوجد تعليقات

“اطلع له وقله أبوي مهو فيه، وإذا قال سيارته موجودة، قله طالع مع أخوياه”

*صوت الجرس  الجرس
جعلكم بعد السفيه اللى دعم فالشبه يتبع جموس البدو فالسايد المثناني
و الله إني ما أكرهه لكن ماني بأحبه كرهني يا كرهني للعالـم الفقرانـي

*جزء مقتطع من محاورة بين مانع ابن شلحاط وضيدان بن قضعان وسلطان الهاجري.

“عمرك سمعت بطير يحب سجانه”؟، بالتأكيد لم تفعل، لم يعد هنالك تعليم جيد، لا أعلم ما الذي يحشونه في أدمغتكم هناك. لكن تذكر يا بني أن الرصاصة التي سيطلقها عليك ساعي البريد –على سبيل المثال- ستقتلك قبل أن تحسب سرعتها.

وستقتلك الحياة كذلك بيديها العاريتين لو حاولت حساب السرعة التي نسير بها إلى الأسفل، إننا نقفز يا ابني. لا أعني قفزًا يشبه ذلك الذي تمارسه مع إخوتك عليكم اللعنة، أم ربما يشبهه. لا أعلم، عليكم اللعنة كذلك.

الآن أشعر بالحرارة بجسدي، جزء مني يخبرني بأني سأموت قريبًا، مسجى على الأرض بلا أصدقاء، أنا الذي كنت أحسب أن القتلى أمثالي لا يستطيعون الموت مجددا. الأمر ليس بجديد، كل ما اعتقدته في هذه الحياة كان خاطئا. أتدارك الوضع الآن، أتمنى أن يسعفني الوقت في فعلها، الآن -وهذا أمر لا يقبل التأجيل- سأخبرك قصة كُل شيء، كي تحفظ وجه عدوك الحقيقي جيداً أنت ورفاقك في الجيل الشباب المتطلع إلى العالم الأول والرفاهية.

في البدء كان الكلمة، يتحدث في الجوال، صديق لنا سابق اسمه عوض الكلمة، حتى قبل أن يُخترَع جهاز الهاتف، غراهام بيل وقتها كان يصب القهوة لجدك في الصباح، ويطلق عليه النار في المساء للتسلية -جدك-. كنا نستورد الأُجراء من مختلف دول العالم لننفذ فيهم الأحكام الشرعية، كيلا يصدأ “السيف الأملح”، كوننا لم نرَ في مدينتنا أي جريمة حتى الآن.

والآن “السيف الأملح” مصاب بالصدأ، تخيل كثرة الدم هي من فعلتها هذه المرة. وكأن الحياة ترغب في إيصال رسالة أن أي “سيف أملح” ينتهي بالصدأ غالبًا، وغالبا أن الرسائل لا تروقها فتتصل مباشرة.

كذلك كنا نحضر العمالة ونلقي بهم من فوق الجسر المعلق لتستطيع الصحف أن تكتب: “انتحار شخص في ظروف غامضة”، لأننا نجد صعوبة في ذلك الوقت في عدم وجود من لا يحب الحياة بشكل بسيط، أما من يرغب في التخلص منها يستحيل أن نراه، ببساطة كنا نعيش في المدينة الفاضلة، احتفلنا بآخر عين تصيب مواطن قبل ذلك الوقت بثلاثة وأربعين عاما، وقتما كان الحلفاء يعبرون على جثث الجنود الألمان في الحرب العالمية الثانية كنا نحتسي الشاي.

لا أعلم أي لعنة حلت بنا، لا أستطيع الإشارة بإصبعي إلى تاريخ محدد، لكن الوقت كان في تمام الساعة الثالثة -لا أتذكر إن كانت الثالثة صباحا أم مساءً-. كنا نستعد لافتتاح طريق الملك عبدالله بعد ستة أيام من البدء في إنشائه، ستة أيام فقط، تخيل!

أزحنا الستار في ذلك الوقت، كان منظرًا لا ينسى، نذير شؤم خالد، ظهر لنا اثنان من الليبراليين يلتقطون قرابة الخمسة عشر كيلومتر من الطريق من الجانبين ويركضون باتجاه الشمال، “آه” لا يوجد كلمة مسعفة في ذلك الوقت، في وصف فداحة ما حدث. تفكر في إحضار يوسف سيف، يبقى خيار مناسب: “يالله، ما الذي يحدث أمامنا؟ شوف… إلخ” المهم يا بني أنها كانت البداية، لم نستطع إجراء أي محادثة كاملة، بضع جمل مشتتة -كالتي أحكيها لك الآن- وذهب كل واحد منا إلى قصره.

في المساء الذي يليه سُرِقت عدة بنى تحتية من مستودعات كنا نحتفظ فيها بالفائض من البنية التحتية في البلد المعطاء. ومع الوقت تجاوز الأمر ذلك وأصبحوا أكثر جرأة، أنا نفسي رأيت بعيني ليبرالي دون أي شنب -ديدنهم- يحمل فوق ظهره البنية التحتية بمدينة جدة، وأنت تعرف تبعات فعلته هذه، وما حدث هناك.

وبعد أن كانت تلفحهم شمس صحرائهم هناك، كانت ترسم عليهم البشاعة كما تفعل ذلك على الجلاميد الصخرية تاركة ذلك الأثر المنفر. تعاهد الليبراليون مع بعض السفارات الغربية على توفير مجموعات من أعشاب الجمال وتوزيعها على المواطنين في المغرب، وكانت النتيجة أن الميزانية تشعر بالشتات كل عام.

ترك الخونة فتيات البلد، أُمك يا بني ركبتها سوداء كأعمالك. أكره أن أخبرك بهذه الحقيقة في هذا العمر المبكر، لكنك ستنمو لتكون مدمن مخدرات، لدي الأمر لا يشكل فارقا. أحيانًا لا ألوم البطانة الفاسدة عندما تقنع ولأننا بضرورة موازنة اقتصاد المغرب، هل تظن أنك تستحق بنية تحتية؟ أنا يا ابني أتردد كل مساء قبل أن أجلب الجبنة الرخيصة المعتادة لإطعامك.

جبنة “لافاش كيري” ارتفع سعرها، إنها الآن أغلى منك يا ابني الرخيص. أنا لا أستطيع إخبارك كيف فعلها الليبرالي بشكل دقيق، في نهاية الأمر يجب تحري الدقة مع الخصوم، الحوار الحقيقي يتطلب خفض الصوت ووجهات النظر، التعصب سلوك غير حضاري يشبهك، واختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية.

حتى الغباء يا بني لم نكن نعرفه، قبل أن يتناوبوا ثلاث عشرة ليلة على إدخاله إلى عقولنا. ريمان لا يساوي شيء إلى جانبي سابقا، حتى لغزه المعقد الذي وضعه قمت بحله عدة مرات. جُرِّدت من شهادة اللغات، الماجستير الذي بالتأكيد قد حدثتك عنه، اختفت تماما، وكانت تفوح في مكانها رائحة عطر كريستيان لاكروا ورائحة جوال آيفون فايف مع شريحة 15 غيغا انترنت. والآن أنت ترى، لا أملك سوى شهادة السادسة التي قبلت من أجلها رأس المعلم جبار أنا وجدك، ووالدتك التي سأهددها بالزواج عليها كل لحظة، وأنت.

أنت الذي سأخبرك عن قصص الفتن رغم أنك في هذا العصر تحصل على ما يكفي منها، فتنة “ووترجيت”، وانهيار جدار برلين، وفحمات السيارة الألتيما التي لم أجدها في محلات قطع الغيار، العالم صعب وتعود ألا تبحث عن طريق للجحيم يا بني كي لا تبدو أحمقَ. أنت في الجحيم فعليًّا، في المنتصف.

والآن هيّا، أشر معي إلى عدوك الحقيقي، ردد معي: “هنا سأصب جل غضبي ..

 سأشتمه عن الماضي ..

عن الحاضر ..

وعن المستقبل الذي لن يأتي

سألعنه طوال اليوم وليلة السادس من أكتوبر وأنا أشير إليه

لن أرفع يدي فتشير إلى الأعلى وتُقطَع

ولن أتركها في الأسفل تتدلى فلا يراني أحد.

أنا الغيور، كاره الفتنة”.

آمين

 خاص بموقع “المقال”

Twitter Digg Delicious Stumbleupon Technorati Facebook Email

لا توجد تعليقات... دع تعليقك

دع ردأً

يجب أن تكون مسجل دخول لإضافة تعليق