لكي لا تتوقف أعياد الوطن حذاري من المستقبل الاقتصادي

الكاتب:

15 أكتوبر, 2014 لاتوجد تعليقات

يحتفل الشعب السعودي بعيد الوطن الرابع بعد الثمانين يحدوه الأمل  بمستقبل أمن ورفاهية اجتماعية واقتصادية . أفضل مايقدمه المواطن لوطنه في مثل هذا اليوم هو الصدق في القول وفي المشاعر  .يري المرأ الكثير من الوجوه الصادقة في قولها ومشاعرها ولكنه و بدون الدخول في قلوب الناس يلحظ  المرء  شي من النفاق الإعلامي والاستغلال التجاري لهذه المناسبة لدى البعض ، صحف تلاحق الشركات للإعلان عن فرحتها باليوم الوطني وأقلام تجتر كلماتها وجملها من قواميس المديح شعرا ونثرا دون ان تمر خطاباتها علي ضمير  وطني يصفيها وينقيها من شواءبها . ورغم هذا وذاك فهناك فرحة وهناك أمل لدي الكثيرين .

في هذا اليوم الوطني انتابني فرح وانتابني خوف . أنا فرح لان كل من حولي فرح با الأمن والاستقرار خصوصا وان النيران والمعارك يتطاير شرارها من وراء الحدود وفي كل الاتجاهات  وانا خاءف وجل  لان المستقبل يحمل بين طياته  علامات استفهام كبيرة لم اجد لها اجابة شافية.

المستقبل  يلفه الغموض  في ثلاث أمور جوهرية وأساسية هذه الأمور هي :

١ .عدم  وضوح الروءية السياسية والدستورية المستقبلية   فيما يتعلق بنظام الحكم المحلي وفيما يتعلق بالمؤسسات السياسية واهمها الحكومة ومجلس الشورى والمؤسسة القضائية  .

٢.  الخوف من مستقبل الاقتصاد الوطني وقدرة الاستراتيجية والخطط الاقتصادية الحالية علي تحقيق تنمية اقتصادية عادلة متوازنة ومستدامة

٣.عدم وضوح  دور المؤسسة الدينية الاجتماعي والسياسي في ظل صراع بين الحداثة والاعتدال من جهة والتطرف  الديني من جهة اخرى .

هذه القضايا الجوهرية الثلاث خصوصا في بعدها الزمني المستقبلي تعتدي كل يوم ولحظة علي هدوء النفس والطمأنينة  لكل من لا يري في الكوكب الأرضي مرسا لسفينة حياته الا على هذه الارض التي للصحراء منها نصيب الأسد .اما اولئك الغير مكرهين  الذين يستطيعون العيش في اي مكان  فمستقبل هذا الوطن قد لا يعنيهم كثيرا , فهم ينعمون اليوم بخيرات البلاد وعندما يتغير الحال فارض الله واسعة يهاجرو فيها .

    . اما بالنسبة للأجانب  فكل له وطنه ولم  اجد الكثير منهم  الذي يحلم بان يكون هنا وطنه ،  وكما جاءونا  زرافات فسوف يتركوننا جماعات عندماتصبح  أوضاعنا الاقتصادية والمالية غير مناسبة لهم .  وهذا حقهم فهم هنا من اجل الوظيفة والمال  .ما يعنيهم هو حجم الميزانية وحجم الإنفاق وحجم المشاريع وماهو نصيبهم منها . ه المواطن تهمه ايضا هذه الامورلكن الفرق بينهما ان المواطن المسكون بهاجس المستقبل وهمومه  ينظر الي الحاضرالي حجم الميزانية وحجم الانفاق لكنه ايضا يفكر في المستقبل ويتسائل هل سيكون هناك مال  واقتصاد وطني يؤمن حاجة اطفالي وابنائ اطفالي الاساسيه من فرصة عمل وماوى ومعيشة وصحة وغيرها  ويسأل ايضا هل سيكون لدى الدولة ايرادات في المستقبل تمول بها الإنفاق المتزايد للاجيال القادمة  .

أعود الي المستقبل وأهله وأقول اننا اذا أردنا  لافراح  الوطن وأعياده ان تستمر فعلينا الا نغفل لحظة عن المستقبل وهنا أجدني مظطر الي الحديث عن الجانب الاقتصادي في معادلة المستقبل الثلاثية التي أشرت اليها في مقدمة المقال .

الاقتصاد هو عامل هام  وأساسي في تأمين حالة استقرار مجتمعية يمكن منها وعليها بناء تنمية شاملة مستدامة اذا توفرت الإرادة السياسة والتخطيط المنهجي العلمي السليم والقرار الحاسم .  القاعدة الاقتصادية يقوم عليها مشروع السعادة والرفاهية المادية الفردية والمجتمعية . والرفاهية المادية ممثلة في العيش الكريم القائم على الانتاج والادخار والاستهلاك  هي حاجة طبيعية غريزية في الانسان ,  المكون الاساس للمجتمع  . وغريزة البحث عن الرفاهية المادية المشروعة واستدامتها من خلال الادخر واعادة الانتاج  هي من اهم قواعد النظام الاقتصادي الحر . ان صلح الاقتصاد صلحت به ومعه أمور كثيرة سياسية واجتماعية وان فسد فسدت أشياء كثيره.

قلت في هذا الموضوع كثيراً وعلي مدي سنين طويله واجدني مرغما في العودة اليه مرارا وتكرارا لان ما أراه كمختص يقلقني كثيراً وهذه بعض النقاط الاستدلالية للخوف من المستقبل

– النمو السكاني يتزايد بشكل مقلق وفي كل دقيقة يضاف الي أعداد السعودين مئات الالاف  من المواليد الجدد

– زيادة النمو السكاني تفرض زيادة في الإنفاق الحكومي ، في التعليم في السكن في الصحة في المياه في الكهرباء الخ الخ

– ضعف الانتاجية لدي المواطن لاسباب عديدة اهمها ضعف المكون العلمي في المنهج التعليمي والتجريبي للطالب  يقابلها تضخم في الاستهلاك وضمور في الادخار

– شح متزايد في المياه يقابله هدر للموارد الطبيعية المائية وتكلفة عالية لتحلية المياه .

– ارتفاع معدلات الانفاق الحكومي الاستهلاكية والاستثمارية وتزايد المشاريع العملاقة التي قد لا تكون لها جدوي اقتصادية مباشرة علي خزينة الدولة .

– ارتفاع معدلات الانفاق  على الدفاع والأمن  فالمملكة مساحتها شاسعة وأطرافها مترامية

– المصدر الوحيد الذي يمول اكثر من 95%  من ميزانية الدولة للانفاق علي كل ما ذكر اعلاه او لم يذكر  هوالبترول الذي يستخرج من باطن الارض ويصدر خاما او مكرر. هذا البترول العمود الفقري للاقتصاد السعودي الحكومي والخاص هو مورد متناقص سوف ينتهي بلا شك ان عاجلا او اجلا .

اي مواطن وبشيء من المنطق   يستطيع ان يستنتج من الحقائق الاحصائية الموضوعية اعلاه   ان هناك خلل حقيقي -structural –  في توازن المالية العامة للدولة   ، فكل البنود والأبواب والعناصر المتعلقة بالإنفاق الحكومي هي متزايدة متراكمة سنة بعد اخري  بينما العامل  الوحيد الاوحد الممول لكل عناصر الإنفاق هو  البترول ذو الطبيعة والخاصية المتناقصة علي الامد البعيد .  البترول مادة لزجة سوداء تكونت من صهر  بقايا حيوانات واشجار وغيرها بفعل الحرارة الشديدة في الطبقات الجوفية في الارض عبر ملايين السنين لذي فاننا نحتاج  الي ملايين اخري من السنين لتكوين  برميل من خام البترول , بيت القصيد ان كل برميل يستخرج من احتياطاتنا الوطنية البتولية تحت الارض يستحيل اعادة انتاجه .  اما استكشاف حقول نفط سعودية جديدة ذات اهمية فكل البيانات تشير الى انه لا وجود لها .لذى فانه يمكن القول ان الاتجاه الوحيد لمخزوننا البترولي مستقبلا هو التناقص بفعل الاستخراج الذي يصل الي عشرة ملايين برميل يوميا  . وهذا ما يجعلني أقول واردد القول ان المالية العامة للدولة التي تشرف عليها وتديرها وزارة المالية غير متوازنة لانها عرجاء تقف على قدم واحده هي البترول وانها غير مستدامه لان لمورد الاساسي الذي تعتمد عليه ناضب.

لذى فانني اقول ان الايرادات الحكومية المستقبلية ستكون عاجزة عن تمويل الانفاق الحكومي المتزايد مع زيادة عدد السكان ونضوب الموارد الطبيعية من بترول ومياه . ( لمزيد من التفصيل الاحصائي والرياضي انظر كتابي باللغة الانجليزية  الايرادات والانفاق الحكومي في المملكة العربية السعودية , خطر في مرحلة التكوين ز 2013 و الطبعة العربية ستصدر قريبا)

انه لمن المحزن  بل المؤلم جداً ان ارقام المالية العامة  تظهر ان لدينا  فائضا ماليا سنويا ومتراكما  وليس عجزا, وهذا لعمري خطاء اقتصادي فادح أضراره سوف تدفعها الأجيال القادمة . ومعلومق هامة واستراتيجية يجب بيان حقيقتها لولي الامر. حقيقة الامر اننا نعيش عجزا ماليا نموله من استهلاك  راس المال الوطني  ممثلا في الاحتياطيات البترولية التي هي ليست ملكا لهذا الجيل وحده ولكنها ملك أيضاً للأجيال القادمة . لو كان المورد البترولي دائم مستديم لهان الامر وانتهي الخلل في التوازن لان اي زيادة في الإنفاق سيمولها إيراد بترولي  مستديم لكن هذا ضرب من الخيال وخطاء فادح ، فالبترول مهدد مستقبله بالنضوب وبتقلب الأسعار.

 حاضرنا الاقتصادي ومستقبلنا كما  يبدو اليوم قائم  ومبني علي قاعدة واحدة هي القاعدة البترولية. فان اهتزت او سقطت هذه القاعدة وهي لا محالة فاعلة فإننا سوف نهوي معها .وهنا مكمن خوفي ووجلي من المستقبل

لا اجد في اليوم الوطني هدية أغلى من كلمة حق أقولها لصاحب القرار وراعي مستقبل الأمة جلالة الملك عبدالله ابن عبدالعزيز :أقول له حذاري حذاري من المستقبل الاقتصادي  فاقتصادنا يا جلالة الملك سفينة مخروقة يدخلها الماء قليلا قليلا وان لم  نحكم قفل هذه الثغرات في سفينتنا بقيادتك والمخلصين من حولك  فإنني اخشى علينا جميعا من الغرق .

ماهو الحل ؟

ارادة سياسية قادرة وفاعلة تعيد قراءة وتمحيص الاستراتيجية والخطط الاقتصادية التي يسير عليها اقتصدنا اليوم .

من يقوم بالقراءة ؟

اهل اختصاص علمي في الاقتصاد والبترول والمالية ليس من بينهم اي موظف حكومي , بل ثلت تختار علي المستوى الوطني والعالمي يتوفر لها كل الصلاحية في الحصول علي اي معلومة وعلي طرح اي سؤال والحصول علي الاجابة .يكون لهذه المجموعة رئيس ونائب وسكرتارية وميزانية مستقلة عن اي جهة حكومية.

من يختارهم ؟

المؤسستان الدوليتان البنك الدولي للانشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي بموجب اتفاقية لادارة  هذا المشروع  دون التدخل في صياغة النتائج . الاتفاقية تكون بين راس الدولة ممثلا بجلالة الملك ورئيسي البنك الدولي والصندوق .

هدف الدراسة

دراسة الواقع الاقتصادي للملكة العربية واعداد استراتيجية اقتصادية بخطوط واضحة للمستقبل الاقتصادي يراجعها مجلس الوزراء والمجلس الاقتصادي الاعلي ومجلس الشوري , ومن ثم يتم اعتمادها من قبل مجلس الشوري لتصبح الاساس الذي تبني عليه الخطط الاقتصادية والميزانيات السنوية.

هذه وجهة نظر وقد تحتاج الى اضافة اوحذف لكن ماهو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ان النهج الاقتصادي الذي نسير عليه يهدد مستقبل الامة واستقرارها السياسي والاجتماعي وهذا يتطلب من وجهة نظري تدخلا سياسيا على اعلى المستويات لفحص الامور واعادة النظر في واقع الحال استعدادا لمستقبل قد لايكون سهل كسهولة الخمسين عاما الماضية التي عاشتها المملكة في ظل الايرادات النفطية الوفيرة.

Twitter Digg Delicious Stumbleupon Technorati Facebook Email

لا توجد تعليقات... دع تعليقك

دع ردأً

يجب أن تكون مسجل دخول لإضافة تعليق