كذبات سعودية شائعة

الكاتب:

1 فبراير, 2012 لاتوجد تعليقات

ثمة كثير من الأسطوانات التي اعتادت الآلة الإعلامية الرسمية ترديدها طويلا حتى ألفها خطابنا الجمعي مع أنها في حقيقتها ليست سوى خرافات! سأقتصر في هذه المقالة على بعض كذباتنا المحلية الأكثر شيوعا ربما، متجاوزا الجزء الأكثر من الأكاذيب التي استشرت في كل ناحية من حياتنا بدءا من ندرة الوظائف والأراضي السكنية والمقاعد الجامعية ومقاعد الخطوط السعودية!…وغيرها، حتى تحولت حياة المواطن السعودي إلى حزمة من المساخر التي لا يكفيها كتاب الأغاني، بل فاضت بها صفحات الموقع الاجتماعي تويتر! أقول لن آتي على كل ذلك بل سأكتفي بشذرات عابرة علها تفي بالغرض، ذلك حتى لا تمر التلفيقات التي لا يروجها على البسطاء إلا كل متمصلح وكذاب أشر.

الكذبة الأولى: الأبواب المفتوحة.

إذا جاز لنا أن نصنف الكذبة السعودية الأشهر والأكثر سماجة، فلن تعدو القول بأن أبواب المسئولين مفتوحة! فهذه العبارة اللزجة والمطاطة إلى حد بعيد يمكن استخدامها في بلدنا بأي وقت، ورفعها في وجه كل من يفتح فمه بكلمة نقد هنا أو هناك، بدءا من الشكوى من وجود حفرة على الطريق إلى مطالب الإصلاح السياسي. عجيبة والله هذه الأبواب التي يراد لـ 19 مليون مواطن أن يصطفوا أمامها، دون أن يحق لهم السؤال عن مبرر اضطرارهم للجوء إليها من حيث الأصل. لقد توصل العقل البشري لدى أغلب أمم الأرض إلى ابتداع المؤسسات الدستورية التي تسهر على تلبية حاجات الشعوب دونما اضطرار من أحد لطرق الأبواب أو تقبيل الأكتاف، لكن ديناصورات الإعلام ودهاقنة الدين في بلدنا ما زالوا يصرون على تلقين المواطن فنون الاستجداء والتذلل على هذا الباب أو ذاك. والسؤال هنا؛ ألم يئن الأوان لأن نتجاوز هذه “الخرافة”، غير العملية وغير الممكنة أصلا، عبر قيام مؤسسات دستورية تبدأ بالبرلمان المنتخب انتخابا حرا نزولا إلى أصغر المجالس المحلية؟ لقد آن أن تنتهي هذه الكذبة الكبرى.

الكذبة الثانية: البطانة الفاسدة.

ليس هناك في الدول الفاسدة أسهل من تلاقف المسئولية عن الفساد بين مختلف اللاعبين. فالفساد والتقصير والتلاعب أضحى كرة نار يتلاقفها الفاسدون حتى تقع في النهاية على الصغار جريا على المثل الأفريقي الشهير “اذا تصارعت الافيال يموت العشب”. ولعل إحدى أسوأ الحيل في هذا الصدد هي إلقاء المسئولية عن التقصير أو الأخطاء وصولا إلى الكوارث الكبرى على “البطانة” أو المسئولين الأدنى، إن استخدام “البطانة” أو الموظفين “الغلابة” كمشجب لكل مصيبة ليس إلا لعبة لإلقاء المسئولية عن كاهل الطرف الأقوى الذي يفترض به التحلي بالشجاعة وظهوره مضرب مثل في تحمل المسئولية. لم يعد سرا اليوم أن المسئولية الأولى والأخيرة عن كل خطأ في أي مرفق من المرافق إنما يتحمل مسئوليته الرجل الأول وصاحب القرار ثم يأتي الآخرون.  وبذلك لا معنى للتضحية بالعشب في سبيل تكبير كروش الأفيال! هذه كذبة أخرى ينبغي ألا تنطلي على رجل الشارع العادي.

الكذبة الثالثة: لا تمييز بين المواطنين.

هناك لازمة يرددها المتنفدون باستمرار مفادها أن جميع المواطنين سواسية وهذا محض هراء. إن حقائق الأمر الواقع التي ما زالت تتكشف عبر الصحف الرسمية وحدها باتت تقف اليوم كوقائع عارية لا يسترها القول الفارغ آنف الذكر، فالحقيقة المفزعة هي أن البلد بأجمعه كان وما يزال يئن تحت وطأة التمييز وغياب العدالة في توزيع الموارد والثروات، وعلى المستوى الشخصي أو المناطقي أو الفئوي، فهناك أصحاب دماء زرقاء يستأثرون بقوت الضعفاء “ويَخْضَمُونَ مَالَ اللهِ خَضْمَ الْإِبِل نِبْتَةَ الرَّبِيعِ” كما يقول الإمام علي في توصيف سراق المال العام، ومعنى قول الإمام أن هناك أناسا كالبعارين “لاهفين” الأخضر واليابس. إن مقارنة عابرة بين الفئات والمناطق بل و”الأفخاذ” تكشف إلى حد بعيد إلى أي مدى ثمة قلة قليلة متنعمة على حساب السواد الأعظم من الناس.

الكذبة الرابعة: احترام حقوق الإنسان وتكريم المرأة.

تمثل نسبة النساء في المملكة قرابة نصف السكان ومع ذلك ما زلن يخضعن لاضطهاد دائم. وإن الكذبة الأسوأ والأشد التي يصر على تكرارها تجار الدين وأرباب البلاط من ورائهم هي أن المرأة في بلادنا تعيش “معززة مكرمة”!! هذا الزعم ليس إلا كذبة صلعاء شنعاء. ثمة أوجه عديدة لانتهاك حقوق الإنسان في بلدنا، إلا أن أشدها بشاعة انتهاك حقوق المرأة, و التي ما يزال التعامل معها يتم بشكل مختلف عن أقرانها في العالم الاسلامي بملياره الذي نمثل فيه أقلية بمنطقنا الفقهي .. ما تزال المرأة تخضع في بلادنا لضغط هائل نتيجة التزمت الديني والأعراف البالية حتى بدت مخلوقة مشوهة فاقدة الشخصية عديمة الوزن اللهم إلا من أرطال الشحم في جوانبها، واعتبارها محطة لقضاء الوطر لا أكثر ولا أقل! كفانا كذبا على أنفسنا فالمرأة في بلادنا ما تزال تقبع أسفل القاع رسميا ودينيا واجتماعيا.

أكتفي بهذا القدر من جملة المضحكات المبكيات اللاتي أعددتهن، وإن استلزم الأمر أكملنا لاحقا، جريا على قول الشاعر مع شيء من التحوير، وكم ذا بـ”البلد” من المضـحكات ولكنه ضحك كالبكاء.

خاص بموقع “المقال”.

Twitter Digg Delicious Stumbleupon Technorati Facebook Email

لا توجد تعليقات... دع تعليقك

دع ردأً

يجب أن تكون مسجل دخول لإضافة تعليق