مسرحية الملحقية

الكاتب:

2 فبراير, 2012 لاتوجد تعليقات

المكان: مبنى الملحقية الثقافية السعودية – ولاية فرجينيا – واشنطن.
الزمان: الثلاثاء 2 أغسطس 2011 م – الساعة 12 ظهرًا.
عنوان المشهد: 78%  من دعوات المبتعثين لله في أمريكا يرد فيها لفظ (الملحقية)

يدخل الأستاذ نور المبنى مرتديًا معطفًا رماديًّا ونظارة سوداء مع أن الأجواء غائمة، يسأل عن مكتب الدكتورة أمل -الدكتورة أمل فتاة سعودية يبلغ عمرها 32 سنة، من مواليد مدينة سان دييغو الأمريكية، لأبوين سعوديين، غادرت السعودية إبان انتهائها من المرحلة الثانوية لتلتحق بجامعة جنوب فلوريدا، ولتحصل على الدكتوراة قبل عامين في social work ، محصلتها حتى الآن علاقة حب صادقة ووحيدة وفاشلة، عزباء متوسطة الجمال ومبالغة في التأنق، مع الوقت تحولت من امرأة طموحة إلى شخصية مغرورة وتحسب أنها open minded – وحينما أرشدوه إلى مكانها يقتحم المكتب؛ فإذا الدكتورة أمل منهمكة في وضع المناكير على أظافرها.

الأستاذ نور: عفوًا عفوًا يا دكتورة، اتصلنا على هاتف مكتبك مئات المرات ولكن لا أحد يجيب، الغريب أننا كنا نتصل فنجد الخط مشغولا ساعات وساعات بعض الأحيان، فاضطررنا نحن فريق العمل إلى قطع التذاكر، والسفر عبر البحار، والحجز في فندق، وتأجير سيارة؛ للوصول إليك يا شهرزاد.
الدكتورة أمل: من أنتم؟
الأستاذ نور: نحن آلاف الطالبات والطلاب المبتعثون الذين يتصلون ولا تردين عليهم، نحن الذين تتلذذين حين تفرغين غضبك بقطع مكافآتهم، وتتأخرين بصرف تذاكرهم، نحن الذين نرسل لك سجلاتنا الأكاديمية أكثر…
الدكتورة أمل: لحظة لحظة يا سيدي الثوري، أولا أوقفوا التصوير، حسنا شكرا، أستطيع الآن الحديث بحرية، اسمع يا أستاذ ناصر أو نور أيا يكن، أنا تخصصي اجتماعي ولكنني أفهم ما يحدث هنا وسأشرحه لك بإيجاز، حاول أن تقرن نظرية (الصراع العربي – الإسرائيلي) مع فكرة (المبتعث – الملحقية)، صحيح نحن نستقبل المبتعث، ونحتفي به، ونرقص معه في الأعياد، ولكن نقصِّر في خدمته حين يغادر هذا المبنى، لماذا؟ كون الفلسطيني الذي يُقتل لا أحد يحاسب قاتله؛ كذلك المبتعث الذي لا ترد عليه الملحقية ليس ثمة مَنْ يحاسبنا على ذلك، والأشياء الطيبة التي نفعلها هي من مبدأ التعايش، فإسرائيل حين تمرر البضائع لقطاع غزة وتمنح السلطة الفلسطينية بعض الصلاحيات هو كرم ذاتي منها وكذلك نحن بدورنا نتكرم مع البعض فلا نتعرض لمكافآتهم ونجيب عن بعض اتصالاتهم وإيميلاتهم.
ولا تنسَ أننا دولة معترفة بنا، عفوا أقصد ملحقية، فالملحقية مرتبطة بوزير التعليم العالي وهو عضو في مجلس الوزراء وصوتنا نحن فقط مسموع وما نريد أن ننشره في كل الصحف ووسائل الإعلام ننشره، صوتنا المذاع وحدَه والفلسطينيون لا مولى لهم، والآن هيا أعتذر منك وقت الغداء ومضطرة للخروج، تستطيع الذهاب إلى ولايتك ونحن في خدمتك عبر الهاتف والإيميل.
الأستاذ نور: ولكننا في رمضان.
الدكتورة أمل: It’s the CMD
Culture Mission Deal*

الأستاذ نور: ولكن ماذا عن مشكلة المبتعثين؟ المشكلة لم تحل، والملحقية لا تريد التفاوض ولا تريد أن ترفع السماعة.
الدكتورة أمل: قلت لك يا سيد نحن هنا عقلانيون، حزمة الأخلاق التي تنادي بها هناك لا تأتي بها من عالمك المتخلف، ماذا يعني أن يشكو طالب أو شرذمة منحلة من الطلاب الكسالى تعامل الملحقية معهم، الملحقية التي تواجه ضغوطًا من جميع الجهات وتحاول أن تتفانى في خدمة الجميع أو هذا ما نصرح به على الأقل.
الأستاذ نور: إذن تبقى الأمور كما هي لا حرب ولا سلام، خدمة متوسطة إلى رديئة.
الدكتورة أمل : نعم، الآن نحن متفاهمان.

*يحق لموظفي الملحقية من جميع الجنسيات الحصول على إجازات الأعياد والأيام الوطنية وأوقات الغداء والقهوة الصباحية في السعودية وأمريكا معا، بمعنى أن الدكتورة أمل تتوقف عن العمل في أعياد الفطر، والأضحى، واليوم الوطني السعودي، ورأس السنة الميلادية، وعيد مارتن لوثر كنغ الابن، وعيد ميلاد واشنطن، ويوم ذكرى الحرب الأهلية الأمريكية، وعيد الاستقلال، ويوم المحاربين القدامى، ويوم كولومبوس مكتشف أمريكا، وعيد العمال، وعيد الشكر، وعيد الميلاد بالإضافة إلى إجازتها السنوية، وكل ذلك لتوطيد أواصر الصداقة بين البلدين.

 خاص بموقع “المقال”.

Twitter Digg Delicious Stumbleupon Technorati Facebook Email

لا يوجد مقالات ذات صلة

لا توجد تعليقات... دع تعليقك

دع ردأً

يجب أن تكون مسجل دخول لإضافة تعليق