الكوكب الأزرق

الكاتب:

25 أبريل, 2013 لاتوجد تعليقات

ذلك الكوكب الأزرق، منح الإنسان الدفء والأمان، وعمره الإنسان فوجده مسخرًا له، يزرع فيه، ويأكل منه، عليه يسير، وعليه يسكن، ومنه يتكسب، وبخيراته ينعم، ثم يكون مرده إليه فيحضنه في جوفه و يستره .

علاقة هذين الحميمين لم تعد كذلك، فقد هبت عليها ريح صفراء باردة عكرت هذا الصفاء، وأطفأت ذاك الود. تنكّر الكوكب لصاحبه فلم يعد مكانًا لزرعه ولا لحرفته ولا مصدرًا لكسبه، بل ضاق ذرعًا به حتى أن يكون قبرًا له بَلْه أن يضحي مأوىً له و مسكنًا.

( والأرض وضعها للأنام ) لكن اختزلها فئام من اللئام؟ إن صاحب أدنى نظر إلى أزمة الأراضي الحمراء – فلم يعد لها من اسمها “البيضاء” نصيب – يدرك أن ثمة خطأ أو كارثة بمخالفة شرعية أو نظامية اُقترِفت على مدى عقود خلت. ولو أخذت بسبابتك لأشير بها لموضع الداء، لوضعتها على ما يلي :

أولاً : إقطاع الأراضي ومنحها الذي تجاوز الحاجة… فالأصل في الإقطاع – بالملك أو الاختصاص – أن يكون بقدر الحاجة، وما زاد عنها أو اُستُغنيَ عنه يُعاد إلى الملك العام. والمقصود بهذا الإقطاعات المليونية التي تتحول إلى عشرات مليونية، بتجاوز كثير من الممنوحين بالاستيلاء على مساحات تزيد عن المقرر لهم في الإقطاع، وتغاضٍ غير نظامي من جهات ذات علاقة .

ثانيًا: منع الإحياء الشرعي، الذي كان تنظيمه يستدعي تطويره لا إلغاءه، فتنظيمه بوضع ضوابط محددة وصارمة للإحياء الشرعي وتقسيمه – على سبيل المثال – إلى إحياء بالبناء لقصد السكن، وذلك بتطوير مخططات متكاملة الخدمات في أماكن صالحة للسكن، و لا تُتملك إلا بعد إتمام البناء وفقًا للمواصفات والمدة الزمنية المقررة . وقسم آخر للإحياء بقصد الترفيه (استراحات) وذلك بتطوير مخططات في ضواحي المدن ملائمة لإنشاء الاستراحات والمنتجعات الخاصة. فمثل هذا أصبح ضرورة لا سيما في حال منع الإحياء العشوائي.

 ثالثًا: التجاوز في إصدار حجج الاستحكام – في وقت مضى – .. فقد صدرت حجج استحكام بمساحات مليونية استنادًا إلى إحيائها بالزراعة قبل أكثر من ستين أو سبعين سنة بطرق الزراعة البدائية البسيطة ؟!

رابعًا: التجاوزات الحاصلة من كتابات العدل والأمانات والبلديات – في وقت مضى – بإصدار صكوك ملكية متفرعة من حجج استحكام غير مستكملة الإجراءات أو حجج استحكام لا تخول الملكية وإنما تفيد الاختصاص لا غير، وهذه الأخيرة غالبًا تتميز بشمولها مساحات شاسعة .

خامسًا: عدم فعالية البديل عن الإحياء الشرعي وهو منح الأراضي.. حيث إن آلية منح الأراضي بعيدة سنوات ضوئية عن تحقيق المقصد المراد منها، وهو تيسير المسكن، و ما لم يُتدارك الأمر ويُحجَز ما تبقى من أراضٍ بيضاء حول المدن لصالح منح المواطن وإلا فإن المنح النظامية لأصحاب السمو الملكي وأصحاب السمو والوزراء وكبار المسئولين كافٍ – بقوة النظام- لمحو بياضها وتضعيف أزمة السكن الحالي والمستقبلي، فضلا عن التجاوزات الأخرى لو حصلت .

سادسًا: إطلاق أيدي محتكري العقار، في التحكم بالسوق والتلاعب به وتشكيل المجموعات وتضامنها لرفع الأسعار في مخطط أو ناحية ما، أو التلاعب في المزادات، وبناء مجمعات سكنية على أسوأ المواصفات لرفع أسعار أراضيهم المجاورة، بل التدخل في سياسات الأمانات والبلديات لما يوافق مصالحهم، أو على الأقل الاستفادة من المعلومات التي تصلهم فيما يخص أي تنظيم جديد، ممكن أن يؤثر في الأسعار صعودًا أو نزولا، وتجييره لمصالحهم على حساب الوطن، الذي هو في الحقيقة: المواطن البسيط .

والحل كامن في عكس أسباب الكارثة، فيوقف ويرتجع الإقطاع، ويبعث الإحياء وينظم، ويفعل نظام منح الأراضي، وتغل أيدي محتكري العقار.

 خاص بموقع “المقال”

Twitter Digg Delicious Stumbleupon Technorati Facebook Email

لا يوجد مقالات ذات صلة

لا توجد تعليقات... دع تعليقك

دع ردأً

يجب أن تكون مسجل دخول لإضافة تعليق