هل لديكم أقوال أُخرى؟

الكاتب:

1 ديسمبر, 2011 لاتوجد تعليقات

(1)

الرقيب “جورج”: سيدي تم القبض على المتهمين كما أمرتم بذلك.

الضابط “نورس”: حسناً .. تابع إجراءات الضبط في الداخل.

الرقيب “جورج”: لكن سيدي، حدثت بعض التطورات أثناء العملية.

الضابط “نورس”: ماذا؟

الرقيب “جورج”: أثناء اقتحام منزل أحد المتهمين، وعندما اقتدناه، صادفنا ابنه ذو العشرة أعوام عند مدخل الباب تظهر عليه مشاعر الحزن والتعاطف مع المتهم، فقمنا في الفور بالقبض عليه.

وأثناء التوقف لشراء الماء من إحدى الدكاكين على رأس حارة المتهم، وجدنا لدى البائع دفتراً صغيراً يحوي اسم المتهم، وبجانبه بعض الأرقام وأسماء لعدد من المواد التموينية، الأمر الذي استدعى التحفظ على الدفتر، واصطحاب البائع معنا للتحقيق. لكن الأمور ازدادت تعقيداً عندما طلب أحد المتهمين التوقف لقضاء حاجته في أحد دورات المياه العمومية، حيث وجدنا ثلاثة أشخاص اشتبهنا في أنهم على علم مسبق بموعد قدومه، وأنهم تدبروا معاً مخططاً لـ …… .

الضابط “نورس”: توقف .. توقف .. “يخرب بيتك يا جورج!”.

 (3)

تخيل عندما يكون العصفور الذي في يدك ميتاً، حتى وإن لم تكن متأكداً من عددها ستحاول الاقتراب من عصافير الشجرة. ربما تسقط، تنكسر قدمك، أو حتى يتعرض كتفك للخلع، لكن ما الذي ستخسره؟ إن كنت في الأساس فاقد للقدرة على الحركة. هل تعتقد أن المشلول لن يغامر بالتعرض لخبطة من سيارة في طريق سريع في سبيل أن يستعيد حركته؟ حتى وإن استعاد مشيته مع شيء من العرج؟

أنا مع ذلك أحترمك، ولا تعتقد أن موقف السلطة الذي في يدك الآن، يجبرني على قول مثل هذا الكلام، بعد أن أتمتم ببعض الأمثال التي ترددونها قبل الانحناء. نحن في ذلك المكان نعتقد أن حديث الواحد منا، امتداد لقامته، لذلك نرفض أن ننحني على الإطلاق، ولذلك أيضاً أنا هُنا أمامك يا سيدي المحقق.

صحيح أنني أتساءل دائماً عن طبيعة الأشخاص الذين ينتهي دور وظيفتهم في ضمان “سلب حرية الآخرين”، ويتقاضون أجورهم على ذلك. أحياناً أبرر الأمر بأنه يتعلق بإيمانكم العميق كونكم اليد الأُخرى للعدالة. وفي أحيان أُخرى أرى بأنكم لا تأبهون لشيء سوى ورقة النقود التي تشترون بها ربطة الخبز، في النهاية هناك أفواه صغيرة جائعة يجب أن يتم إطعامها.

أعني أن استحضار هذه المبررات الأخلاقية قبل تنفيذ أية مهمة وطوال الوقت أمر مستحيل!. هل تعرف “عدنان” يا سيدي المحقق؟ هل تتذكر ملامحه، عدا إن كُنت تتذكر قضيته؟. أنا الآخر لا أعرف “عدنان” لكنني متأكد بأنه من بين كُل هؤلاء البشر الذين تكبونهم في السجون، سيجد “عدنان” ما نفسه بينهم، ومتأكد أنك توافقني في ذلك.

أعلم أنني أطرح الكثير من الأسئلة، لكن هل سبق وأن شعر أي منكم بالخجل نتيجة سؤال قام بطرحه على أحد المتهمين الذين سبقوني إلى هذا الكرسي؟. “لماذا تحدثت عن الفساد بشكل علني؟” .. “لماذا اعترضت على تعرضك للظلم من سيادة الوزير؟” .. “لماذا تصف السيد الرئيس باللص؟”، مع أنكم تعلمون جيداً في السؤال الأخير أن السيد الرئيس لص! وأنكم لا تستطيعون التأكد من صحة ادعاءات المتهم، ومساءلة السيد الرئيس بـ “من أين لك هذا؟”، لأنه سيجيبك: “من أين لك هذا اللسان يا ابن الـ…..!”.

هل سبق أن طاردتك ملامحنا؟ .. أو وخزك ضميرك نتيجة موضوع يتعلق بأحدنا؟ .. هل سبق وأن رأيت أياً منا في أحلامك، سيدي المحقق؟؟.

(2)

إنه في السابع عشر من الشهر الماضي، تم القبض على م. أ. و د/ ي. أ. أ. م. “م. أ” ل. ف. ا. ل. ع. ف. ا. في مستشفى سيادة الرئيس، في العيادة “ب”، بعد اشتباه أحد عناصرنا بأن المُتهمين كانا يستعدان لتأسيس “حركة” غير مرخصة تسعى إلى شق الوحدة الوطنية، والسعي إلى العبث بأمن الوطن واستقراره، وزرع الفتنة.

ونتيجة لذلك قامت إحدى الوحدات بمداهمة الموقع والقبض على المشتبه بهم. وقد تم العثور على ما يعتقد بأنه البيان التأسيسي لهذه الحركة المغرضة وقد احتوى على العبارات التالية: “حركة في الأمعاء .. ألم خفيف”، “اجتناب الأطعمة الحارة”.

وتم كذلك في الموقع إياه ضبط عدد من الأدوات الحادة، والمشارط والسكاكين، والإبر، والتي يعتقد أن المتهمين كانا ينويان استخدامها في مخططهم الذي يهدف إلى زعزعة استقرار الوطن والمساس بمقدراته. حفظ الله سيادة الرئيس.

(4)

طائر النورس حلق حلق، هل نُلقي القبض عليه؟

 —–

*الهامش:

م. أ.: مواطن “أبو كلب”.

د/ ي. أ. أ. م. “م. أ” ل. ف. ا. ل. ع. ف. ا. : دكتور يعتقد أنه أفضل من “مواطن أبو كلب” لكن في المحصلة لا يختلف عنه في السوء.

خاص بموقع “المقال”

Twitter Digg Delicious Stumbleupon Technorati Facebook Email

لا يوجد مقالات ذات صلة

لا توجد تعليقات... دع تعليقك

دع ردأً

يجب أن تكون مسجل دخول لإضافة تعليق