تحديات فشل الدولة في اليمن

الكاتب:

29 سبتمبر, 2014 لاتوجد تعليقات

كان رحيل زين العابدين بن علي عن السلطة في تونس، مُحفزاً لإشعال فتيل الثورات في عدة بلدان عربية، كما زاد سقوط مبارك في مصر من حماسة الجماهير الغاضبة من تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، والطامحة إلى التغيير ومحاسبة الفاسدين. في اليمن؛ البلاد التي يشكل الشباب -دون الثلاثين- أكثر من ثلاثة أرباع ساكنيها، أدى فساد النخبة الحاكمة واستيلائها على موارد البلاد وتسخيرها لهذه الموارد لخدمتها وشراء ذمم الموالين والمنتفعين، إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والأمية، بالإضافة إلى غياب الأمن وغلاء الأسعار وتدهور الأحوال على كافة الأصعدة. و كانت النتيجة الحتمية لترسخ الفساد السياسي والاقتصادي في النظام؛ هي تقويض الثقة بالسلطة الحاكمة وبقدرتها على إدارة الدولة وتخطي الأزمات، وبالتالي خروج عشرات الآلاف (خاصة من شباب وفتيات الجامعات)، للتنديد بتفشي الفساد وغياب أسس العدالة الاجتماعية، وللمطالبة بالتمثيل والمشاركة السياسية، معتبرين أن أي من المطالب لن يتحقق إلا برحيل النظام وكافة رموزه. اليوم، وبعد مرور ثلاث سنوات على اندلاع الثورة التي انتهت بحل توافقي ناتج عن المبادرة الخليجية، تواجه اليمن العديد من التحديات متمثلة بتاريخٍ من الصراعات والتدخلات الخارجية، تدل على خطورة الواقع الذي تعيشه الدولة وتنبئ بسيرها نحو التفكك، لاسيما وأن الجهات الخارجية تُعد فاعلاً قوياً في الساحة السياسية اليمنية، وأقوى من الدولة ذاتها.

علي عبدالله صالح في السلطة
اختار صالح أن يكون مُنفِّذاً للسياسات الأجنبية في المنطقة، بدلاً من أن يسعى لبناء دولة قوية، واستعاض عن غياب مؤسسات الدولة بإحاطة سلطته بشبكة معقدة من الصفقات والتحالفات؛ فقام بتعيين أقاربه في مناصب عليا بالدولة والجيش، كما اعتمد على المساعدات الخارجية، بدلاً من أن يبني اقتصاداً قوياً، وقام بتوزيع الأراضي والثروات على مناصريه، مما زاد من الفجوات الاقتصادية بين السكان، نتيجة لغياب العدالة في توزيع الدخل. ومنذ إعلان الوحدة اليمنية، والنظام يؤطّر سياساته باللغة الديمقراطية، في نفس الوقت الذي يقمع فيه المبادرات التي تُسهل سير البلاد نحو ديمقراطية حقيقية، وأدى استخدامه للديمقراطية كغطاء لسياساته، واستخدامه للأموال لكسب الموالين من كافة الأطياف السياسية، إلى خلق حياة سياسية يمنية مشوهة، أنتجت أحزاب معارضة متماهية مع السلطة مثل “التجمع اليمني للإصلاح” -المكون من إسلاميين إخوان وسلفيين، وزعماء قبائل (شمالية)، ورجال أعمال-، أو أحزاب ضعيفة مثل “الحزب الاشتراكي اليمني” والذي يمثل (جنوب اليمن) في المشهد السياسي.

ويمكن القول بأن السلطة ظلت طيلة عقود حكم صالح مقسمة بين ثلاثة رجال؛ إذ سيطر هو على الدولة، بينما كان الجزء الأكبر من الجيش تحت سيطرة علي محسن الأحمر، وكان زعيم تحالف قبائل حاشد ومؤسس حزب الإصلاح عبدالله الأحمر (خلفه نجله صادق بعد وفاته)، صاحب الثروة والنفوذ الكبيرين – والذي اختارته السعودية ليكون الوسيط بينها وبين زعماء القبائل اليمنية الذين يتلقون منها رواتب دورية – يمثل الزعامة القبلية. ظل هذا الحلف متماسكاً إلى قرابة العشرين عام، حتى بدأت بوادر الخلافات داخله بالظهور بعد أن أظهر صالح مساعيه لتعديل القانون الانتخابي، إلى جانب إجراء تعديلات على الدستور، تمهيداً لتوريث الحكم لنجله أحمد.

وقد أدّت سياسات صالح التي انتهجها لإدارة البلاد، إلى منح القبائل الفاعلية السياسية، حيث أُوكلت مسئوليات الأمن  والخدمات الاجتماعية -خاصة في المناطق الشمالية- إلى القبائل، مما نتج عنه امتلاكها عدة أوراق تُمكنها من التفاوض مع الدولة، وبالتالي تضاءلت شرعية الحكومة في المناطق القبلية، وباتت القبيلة هي المرجع الأساس والمُمثل لمصالح المنتمين إليها. هذه القوة التي امتلكتها القبيلة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أثّرت على قواعد اللعبة السياسية في اليمن، التي أصبحت تُدار عن طريق محاولة حشد تأييد القبائل سواء من الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة، أي أن المحسوبية متمثلة بتوزيع الأموال والأراضي لكسب ذمم الموالين، أصبحت الأداة الأهم في الفضاء السياسي، الأمر الذي أضعف مؤسسات الدولة، والأهم من ذلك أنه منع خلق هوية مشتركة بين المواطنين.

 وكانت نتيجة استناد علي عبدالله صالح على سياسة “الأزمة الدائمة” في حُكمِهِ، والتي تنطوي على خلق حالة من عدم الاستقرار من أجل الحفاظ على السلطة؛ هي نفور معظم المواطنين من مؤسسات الدولة وفقدانهم الثقة بالعملية السياسية، وبالتالي ظهور حركات معارضة قائمة على الهوية مثل “جماعة الحوثي” و”الحراك الجنوبي”، للتعبير عن رفض التهميش والتمييز الممارس ضد مناطقهم، وقد دفع تردي أحوال البلاد أهم أحزاب المعارضة في اليمن إلى تأسيس ما يعرف بـ “اللقاء المشترك” والذي يضم كل من ( التجمع الوطني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وحزب البعث العربي الاشتراكي، والتجمع السبتمبري، بالإضافة إلى اتحاد القوى الشعبية اليمنية، وحزب الحق) ويجمع هذه الأحزاب قاسم مشترك وهو معارضة نظام علي عبدالله صالح، و تبنّي قضايا مكافحة الفقر والفساد، جنباً إلى جنب مع العمل على حل القضايا السياسية لخلق حياة ديمقراطية صِحيّة تسمح بالتداول السلمي للسلطة. علاوة على ذلك فقد برز “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”؛ والذي استفاد كثيراً من مشاعر السخط والإحباط الناتجَين عن استشراء الفساد وسوء الإدارة، للترويج لنفسه كحركة مسلحة مُناهضة للظلم والتبعية للغرب.

وتجدر الإشارة إلى استغلال صالح لما يُسمى بالحرب على الإرهاب لخدمة مصالحه الشخصية، إذ استفاد من الأموال والمعدات العسكرية التي زودته بها كل من السعودية والولايات المتحدة، بصفته حليفاً في الحرب على القاعدة، فزاد من ثراءه الشخصي وعزز من نفوذ عائلته.

جماعة الحوثي في صعدة:
هي جماعة سياسية دينية مسلحة مقرها محافظة صعدة شمال العاصمة صنعاء، وتعود تسمية الجماعة إلى مؤسسها “حسين بدر الدين الحوثي” الذي قُتل على يد الجيش اليمني عام 2004، وكان علي عبد الله صالح قد أمر بدفنه في السجن المركزي بصنعاء؛ كي لا يتحول قبره إلى مزار للشيعة من أتباع الطائفة الزيدية.

تُعاني اليمن من انقسامات جغرافية وديموغرافية وسياسية وأيدلوجية متداخلة، تسبق ظهور جماعة الحوثيين، مما أعطى لكل من الحكومة والحوثيين إطاراً لخطاباتهم. ففي صعدة -معقل الجماعة- وعموم المناطق الشمالية، دفعت وعورة التضاريس الجبلية السكان نحو الاكتفاء الذاتي وإنشاء آليات تكيّف مستقلة عن سلطة الدولة أو سيطرتها، وغالباً ما تُوفر ندرة الموارد الاقتصادية أسباباً للتعاون وكذلك الصراع، وتساعد في خلق فرصة سانحة للمؤثرات الخارجية للتلاعب في الجهات الفاعلة في المنطقة من خلال توزيع السلع الاقتصادية والخدمات.

 في الواقع، أدى الوضع الجيوسياسي لمحافظة صعدة إلى خلق حدود طبيعية للسكان وفصل بينهم وبين الدولة المركزية، وكانت نتيجة اكتفاء السكان ذاتياً وابتكارهم أساليبهم الخاصة للحفاظ على المحاصيل وإعالة أنفسهم؛ هي عدم وجود الحكومة في حساباتهم كنتيجة حتمية لغياب أي دور لها في حياتهم، وكان لقرب هذه المناطق من المملكة العربية السعودية دوراً في اعتمادها على تحويلات المغتربين التي استمرت حتى قبل عام 1990م، مما سمح للسكان بتطوير مبادرات اقتصادية محلية. أي أن عامل التضاريس في مناطق صعدة، وعمران، وحجة شمال اليمن، بالإضافة لعدد من العوامل السياسية والاقتصادية، كانت مؤثرة في غياب التنمية الحقيقية والفعالة، وهذا لا يعطي النظام مبرراً لإهماله وضعف دوره من حيث بناء البنية التحتية، والاهتمام بالتعليم والأمن، وتوفير الرعاية الاجتماعية، إذ كان ذلك جزءاً من سياساته التي يتبعها لإدارة البلاد. ولم يقتصر فشل الدولة في مجال التنمية فقط، بل فشلت في بناء مجتمع متماسك بسبب سياساتها وسعيها الدائم لتقسيم المجتمع اليمني، ففي صعدة مثلاً، اتبعت الحكومة سياسة تهميش الزيديين خوفاً من أن يسعوا لاستعادة حكم الإمامة، مما جعلهم يستشعرون معنى أن يكونوا زيديين ودفعهم لتسييس المذهب.

العلاقة بين الحوثي والحكومة:
 قامت الحكومة اليمنية -منذ منتصف الثمانينات- برعاية الدعاة السلفيين في اليمن، فافتتحت عدداً من المدارس والمعاهد الوهابية في المناطق الشمالية الزيدية، لخلق حالة مناعة تمنع وصول أفكار الحزب الاشتراكي في الجنوب، ولردع أي محاولة من النخب الزيدية في الشمال للسيطرة على الحكم. على سبيل المثال، قام أحد أهم أعلام الوهابية في اليمن وهو مقبل الوادعي، بتأسيس مدرسة “دار الحديث” في منطقة “دماج”، والتي تقع جنوب شرق صعدة، للترويج للمذهب الوهابي بعد عودته من السعودية، وذلك تحت رعاية الحكومة اليمنية التي استبعدت الأئمة والدعاة الزيديين من المساجد خاصة في مناطق “حجة” و “ذمار”، ونتج عن ذلك اعتناق  العديد من شباب المنطقة المذهب الوهابي، إلا أن صالح خشي من نفوذهم المتزايد، فاستخدم لعبته التي اعتاد عليها في ضرب الفصائل بعضها ببعض، وسعى للحد من النفوذ الوهابي، من خلال دعم الحوثيين، حتى أنه سمح لحسين الحوثي بالترشح في انتخابات البرلمان عام 1993 كممثل للحزب الحاكم، لكن سياسات حسين المعارضة للحكومة بشراسة، وتّرت العلاقة بين الرجلين، لدرجة اندلاع الاقتتال المسلح.

أما على الصعيد الإعلامي، فقد حرص إعلام الحكومة اليمنية، مع إعلام حزب الإصلاح، وعدد من القنوات العربية، على تصوير جماعة الحوثي باعتبارها جماعة إرهابية طائفية تهدد الوحدة الإسلامية، وبأنها تمثل “مخلب القط الإيراني الشيعي” في جنوب الجزيرة العربية، بالإضافة إلى سعيها لإقامة دولة ثيوقراطية شيعية رغبةً في إحياء الإمامة الزيدية. استخدمت الحكومة اليمنية في تعاطيها الإعلامي مع الحوثيين خطابين، أحدهما للداخل والآخر للخارج، ففي خطابها للداخل، حرصت على توظيف الخطاب الديني لتحريض الأصوليين السنة، وأصدرت توجيهاتها لخطباء المساجد ومعلمي المدارس ليُحذروا من خطر الحوثيين ومن مساعيهم لخلق فتنة طائفية تُفتت المجتمع اليمني، ووصفت الحركة بأنها مضادة للجمهورية، وتسعى لاستعادة الإمامة التي كانت قبل 1962، وتم بث روايات تتهمها بالعمالة لدول أجنبية. أما في الخطاب الخارجي، تم تصوير الجماعة على أنها عامل مهدد للمصالح العربية السُّنية الإقليمية، في محاولة لحشد التأييد السعودي خارجياً والسلفي محلياً، كما سعت لربط حربها مع المتمردين الحوثيين بـ “الحرب العالمية على الإرهاب” لحشد الدعم الدولي.

من جانبها تؤكد الجماعة على أن حركتها نابعة من جهد ثقافي لتجديد الزيدية، وأن هدفها هو الوقوف بوجه التسلل الوهابي إلى المنطقة، وللتعبير عن رفضها لسياسات الحكومة الداخلية والخارجية، خاصة انخراطها في الحرب على الإرهاب، وأيضاً لرفض التمييز السياسي والديني الممارس ضد المذهب الزيدي. أما إعلام الحوثي فإنه يركز على وصف الحكومة بالعمالة لأمريكا وإسرائيل، وعلى تصوير حركتهم بأنها حركة جهادية، لا تخوض المعارك إلا للدفاع عن النفس.

الحوثي وإيران:
يبدو مهماً أن نُشير إلى علاقة الزيدية بالاثني عشرية، قبل أن نتحدث عن علاقة الحوثيين بإيران، وذلك بسبب الفروق الكثيرة بينها وبين النسخة الإيرانية من التشيع، و حتى التشيع الاثنا عشري في العراق، سواء في العقيدة أو الممارسات. فالزيدية على سبيل المثال، لا تعترف بعصمة الأئمة بعد علي والحسن والحسين، وترى بأن علي أحق بالخلافة من أبي بكر وعمر، إلا أنها تُقر بصحة خلافتهم، لأنها تُجيز ولاية المفضول على الفاضل، و تّنكر أن يكون المهدي قد ولد وبأنه محمد بن الحسن و أن له غيبة، وخلافاً لسياسة إيران وسعيها لتصدير ثورتها عام 1979م فإن الزيديين لم يبدوا أي اهتمام بالتبشير بمعتقداتهم، علاوة على ذلك، فإن معظمهم يرفض نظرية ولاية الفقيه. ومن هنا يرى العديد من علماء السنة بأن الزيدية تتفق مع أهل السنة بشكل كامل في العبادات والفرائض وتختلف عنها اختلافات قليلة في الفروع. ومع ذلك فقد تم اتهام الحوثيين بالخروج عن الزيدية والاتجاه نحو الاثنا عشرية، إلا أن الحوثيون يرفضون ذلك ويؤكدون على أنهم يتبعون الزيدية عقيدة وفكراً وسلوكاً، كما صرح محمد بدرالدين الحوثي، واصفاً من يدعي بأنهم يتبعون الاثنا عشرية بالجاهل.

هذا، وقد كررت وسائل الإعلام اليمنية وبعض العربية الاتهامات لإيران بدعم الحوثيين، الأمر الذي تنفيه الجماعة، ففي عام 2009 أعلنت السلطات اليمنية أنها ضبطت سفينة إيرانية محملة بالأسلحة لتنقلها إلى المتمردين الحوثيين، في حين نفت إيران التهم بشدة، وأعربت عن أسفها لما وصفته بنشر التهم الكاذبة والمُسيئة في الصحافة اليمنية، وطلبت من السلطات اليمنية أن تُقّدم وثائق تثبت هذه الاتهامات.  وتستمر الاتهامات اليمنية لإيران بالتدخل بالشأن اليمني وإمداد المتمردين بالأسلحة حتى اليوم، من جانبه صرح مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان بأنه سمع عن افتراضات الدعم الإيراني للحوثيين إلا أنه لا يملك معلومات مستقلة عن هذا الأمر. من ناحية أخرى، أفاد مسئولون في المخابرات الأمريكية أن إيران تسعى لمساعدة مجموعات شيعية في البحرين واليمن. مشيرين إلى أنهم اعترضوا اتصالات بين مسئولين في الجمهورية الإسلامية وشخصيات معارضة في اليمن والبحرين. وكانت مصادر استخبارات وُصفت “بالمجهولة” قد قالت بأنها كشفت عن لقاء بين الحوثيين وعناصر من فيلق الحرس الثوري الإيراني وقادة حزب الله. وفي الوقت نفسه، قال علي محمد الآنسي مدير مكتب الأمن القومي اليمني أنه يمتلك أدلة قوية على دعم إيران للمتمردين الحوثيين لكنه لا يستطيع الكشف عن أي تفاصيل لوسائل الإعلام.

ويجادل الحوثيون بأن لديهم ما يكفي من الدعم الداخلي، الأمر الذي يغنيهم عن طلب المساعدة من القوى الخارجية. أما عن مصادر الأسلحة؛ تقول الجماعة بأنها جمعت أسلحة من حروب صعدة، ومن السوق السوداء، بالإضافة لوجود قادة عسكريين موالين للحوثيين يوفرون لهم الأسلحة، الأمر الذي أكدته وثيقة ويكيليكس  المعنونة بـ “من هم الحوثيون”  على لسان مدير جهاز الأمن القومي علي محمد العنسي. وفي ذات السياق قال الناطق باسم الحوثيين علي البخيتي أن النظام يهدف لابتزاز الدعم الدولي والإقليمي مستخدماً الفزاعة الإيرانية.

ورغم كل ذلك، فإن استفادة إيران وغيرها من الاضطرابات في اليمن أمر وارد جدا. لكن محاولة عزل أي حراك أو حركة تمرد عن سياقها وشيطنتها ووصفها بالعمالة لقوى إقليمية أو دولية؛ هي سياسة كل نظام لا يريد القيام بتغييرات جذرية لصالح شعبه، إذ تُعتبر تهمة العمالة مبرراً قوياً لضرب حركات المعارضة، خاصة وأن الأنظمة المستبدة تمتلك أبواقها الإعلامية التي تروج للمشهد من الزاوية التي يريدها المستبد. إن اتهام المعارضة بالخيانة ومعاملتها كعدو، هو ما يدفعها للجوء إلى القوى الخارجية، لكن إن وُجدت قنوا ت الاتصال والحوار التي تمكنها من حل مشاكلها مع النظام، فإنها لن تلجأ للخارج الذي لا يبحث إلا عن مصالحه. ومن المهم أن نؤكد على أن هذه الأنظمة -بما فيها النظام اليمني- هي من رهنت سيادة ومقدرات الوطن للخارج، في سبيل الحفاظ على السلطة.

الاقتتال المسلح:
بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، قدّم علي صالح اليمن باعتبارها شريك للولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، لاسيما تنظيم القاعدة. وازدادت أرقام المساعدات المالية والعسكرية الأمريكية لليمن، الأمر الذي دفع حسين الحوثي لاستغلال الاحتفالات الدينية مثل الاحتفال بالمولد النبوي ويوم الغدير، بالإضافة ليوم القدس العالمي، لحشد المؤيدين وشجب التعاون اليمني مع الولايات المتحدة، مُركِّزاً على جرائم الاحتلال الأمريكي في كل من أفغانستان والعراق. وفي أواخر عام 2003 نالت محاضرات الحوثي وخطبه في الجمعة رواجاً كبيراً، فأصبحت تُسجل على أشرطة كاسيت وتُوزع في صعدة والمحافظات المجاورة، وقد رافق هذه المحاضرات مظاهرات، وصلت إلى أمام السفارة الأمريكية، مترافقة مع هتافات مناوئة لأمريكا وإسرائيل مثل “الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل”. مما أشعر السلطات اليمنية بأن نشاطات حسين الحوثي تهز من شرعيتها، فمنعت الاحتفالات الدينية وحتى الاحتفال بيوم القدس العالمي؛ فنتج عن ذلك ازدياد التأييد الشعبي للحوثي ووضع السُلطات في موقف صعب، إذ أصبح يُنظر إليها باعتبارها حامية للمصالح الأمريكية والإسرائيلية.

وتوجد روايتين لكيفية بدء الحرب في صعدة، إحداها رواية الحكومة والأخرى رواية جماعة الحوثي وأنصارها؛ ففي حين زعمت الحكومة بأن لديها تقارير تخبر بتخزين الحوثيين للأسلحة في المساجد استعداداً لخوض حركة تمرد مسلحة، لذا لم يكن أمامها من سبيل سوى اتخاذ الإجراءات القانونية في حق حسين الحوثي ومؤيديه. فاستصدرت مذكرة من النائب العام لاعتقاله، وفرضت حصاراً عليه وعلى أنصاره في “مران”، إلا أن رفضه تسليم نفسه ولجوئه وجماعته للمقاومة المسلحة، اضطرها لخوض الحرب حفاظاً على الوحدة والجمهورية.

اختلفت رواية الحوثيون اختلافاً كلياً عن رواية النظام، فمن وجهة نظرهم بدأت الحكومة باعتقال المتظاهرين ومرددي الشعارات الحوثية وإخفائهم قسرياً، دون أن يعلم أهلهم عنهم أو عن الجهة التي أخفتهم شيئاً، منذ عام 2002 وحتى اندلاع الحرب. وينفون أن يكونوا قد خططوا للتمرد المسلح، كما يرون بأن هدف الحكومة الأساس من حصار مران كان تصفية حسين الحوثي جسدياً لا اعتقاله. ويمكن تقسيم المعارك بين النظام وجماعة الحوثي إلى ست مراحل أساسية.

 

لمحة سريعة على مراحل النزاع:
بدأ النزاع المسلح بين الحكومة اليمنية والحوثيين في شهر يونيو عام 2004، وانتهت الجولة الأولى منه في العاشر من سبتمبر لنفس العام، عندما أعلنت الحكومة مقتل حسين الحوثي، وقامت بنشر صوراً لجثته مسحولاً في أحد الشوارع.

 وبرغم إعلان السلطات اليمنية انتهاء العمليات القتالية، إلا أن الصراع استمر في مرحلته الثانية، والتي استمرت من 16 أبريل 2005، وحتى شهر ديسمبر. وكان هدف النظام من هذه العمليات هو القيام بحملة اعتقالات واسعة لقيادات الحوثيين، و لمن يُشتبه بتعاطفه معهم، بالإضافة لحصار معاقلهم. من جانبهم حاول الحوثيون اغتيال محافظ صعدة ونائبه ورئيس المخابرات العسكرية في صنعاء.

وكانت بداية الجولة الثالثة في أواخر ديسمبر 2005، حين هاجم الحوثيون نقطة تفتيش عسكرية في منطقة الخفجي، مما دفع القوات اليمنية لمهاجمة منازل المدنيين الذين يشتبهون بأنهم يخفون عدداً من مقاتلي الحوثي فيها، ومن جانبهم واصل الحوثيون حملة الاغتيالات التي تستهدف المسئولين في الحكومة، فاستهدفوا مدير البحث الجنائي في مديرية “مجز” في عملية لقي مصرعه مع ثلاثة من مرافقيه على إثرها. وتوقفت الحرب بعد أن منح النظام للحوثيين مهلة لإلقاء السلاح والاستسلام.

وفي شهر فبراير من عام 2007، بدأت المرحلة الأطول والأكثر دموية من عمر الصراع، حيث استمر القتال 11 شهرا، استخدمت خلالها الحكومة القصف الجوي والمدفعية الثقيلة، كما استعانت بـ”متطوعين” من قبائل موالية للنظام لقتال الحوثيين. أما الحوثيون فقد أظهروا مرونة عالية في القتال سواء في المناطق الحضرية أو الريفية، وقاوموا مقاومة شرسة. وانتهت المرحلة الرابعة في يناير 2008، بعد أن أسفرت عن أضرار بشرية ومادية كبيرة، و رغم تسخير الجيش اليمني لكل إمكانياته في الحرب إلا أنه لم ينجح في تحقيق أي من أهدافه، إذ لم يتمكن من تفكيك قيادات الحوثيين، أو تدمير قاعدتهم الشعبية، وبالتالي، خرجت جماعة الحوثي من هذه المرحلة منتصرة، بعد تمكنها من حصار وحدات الجيش اليمني في جبال مران. وكانت ردة فعل الحكومة اليمنية هي شن حملة اعتقالات تعسفية واسعة ورمي الآلاف في السجون دون محاكمات، بالإضافة لأخذ رهائن من المدنيين للضغط على أهاليهم ليسلموا أنفسهم.

أما بداية الجولة الخامسة فقد كانت في مايو 2008، حين اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين بالوقوف خلف تفجير مسجد بن سلمان والذي خلّف 15 قتيلاً و 55 جريحاً في محافظة صعدة. إلا أن الحوثيين نفوا تورطهم بالتفجير، واصفين ما حدث بالمؤامرة المدبرة  للتهيئة لعدوان جديد. وهذا ما حدث، إذ عاد الاقتتال من جديد، وكان هدف الحكومة هذه المرة، فك الحصار المفروض على قواتها في مران، وانتهت الاشتباكات في السابع عشر من يوليو، حين أعلن علي عبدالله صالح وقف إطلاق النار من جانب واحد، وأبدى مبادرات لتخفيف حدة التوتر، ففي لقائه مع صحيفة الحياة، كانت لغته أقل حدة تجاه الحوثيين، كما تراجع جزئياً عن اتهامهم بتلقي مساعدات من إيران، بالإضافة إلى ذلك، قام بالإفراج عن عدد من المعتقلين كبادرة حسن نية، ولتأكيد حسن النوايا، قامت الحكومة اليمنية بإرسال لجنة لحصر الأضرار في صعدة وبحث مطالب السكان، تمهيداً لإعادة الإعمار.

تبادلت أطراف النزاع الاتهامات بإعداد العدة لبدء جولة سادسة من الحرب؛ ففي حين اتهمت الحكومة الحوثيين بتخزين الأسلحة استعداداً للعودة إلى القتال، اتهم الحوثيون الحكومة بعدم الوفاء بأي من وعودها وإعادة تمركز الجيش في صعدة. وفي الحادي عشر من أغسطس لعام 2009، عقد علي عبدالله صالح اجتماعاً للجنة الأمنية العليا لمراجعة الأحداث والتطورات في صعدة، وخلصت اللجنة إلى القول بأنه بسبب هذه التطورات فإنها ستضرب التمرد بقبضة من حديد، علاوة على ذلك، أصدرت وزارة الداخلية قائمة من 55 مطلوباً حوثياً، بالتزامن مع إعلان بدء الجولة السادسة من الاقتتال المسلح، التي أطلقت عليها الحكومة اسم “عملية الأرض المحروقة”. ويُعد التدخل السعودي والذي يصعب تحديد الأسباب التي أدت إليه، هو التطور الأهم في هذه الجولة، فمن وجهة النظر السعودية، فإن الحوثيين قد تسللوا إلى الأراضي السعودية وأطلقوا النار على حرس الحدود، الأمر الذي استدعى الرد. في حين اتهم المتمردون الحوثيون السعودية بفتح أراضيها للجيش اليمني والسماح له بالتمركز في قاعدة عسكرية بجبل الدخان وقصفهم من تلك القاعدة. وانتهت مشاركة المملكة العربية السعودية المباشرة في الصراع، في يناير 2010، بعد تنازل الحوثيين عن الأراضي السعودية التي سيطروا عليها في وقت سابق.  وفي شهر فبراير توقف القتال بين جماعة الحوثي والجيش اليمني، بعد أن قبلت الأولى بشروط الحكومة وسحبت مقاتليها من شمال صعدة.

هذا، وقد كشفت وثيقة ويكيليكس عن لقاء جمع خالد بن سلطان بالسفير الأمريكي في الرياض، سلّم خلاله السفير الأمريكي للأمير وثيقة تخبر باستهداف القوات السعودية لمدنيين في اليمن. وقال خالد بن سلطان بأن القوات السعودية تنفذ غاراتها بناء على توصيات لجنة (يمنية – سعودية) مشتركة، وأشار إلى أنه لا يثق بتوصيات الحكومة اليمنية، مستشهداً بتوصية قادت الطيران السعودي نحو قاعدة عسكرية لعلي محسن الأحمر، والذي يُعد أحد أهم منافسي صالح السياسيين. كما أشارت وثيقة ويكيليكس أخرى، إلى أن أحد المسؤولين السعوديين في اللجنة السعودية الخاصة التي كان يرأسها الأمير سلطان قد قال: “نحن نعلم أن صالح يكذب بشأن تدخل إيران، ولكن لا يوجد شيء يمكننا القيام به حيال ذلك”.
و تحدثت وثيقة ثالثة، عن تذمر الملك السعودي من طول فترة المعركة أمام مقاتلين غير نظاميين ولا مدربين، ومن ارتفاع عدد قتلى القوات السعودية، وعدم قدرة الجيش السعودي على إثبات كفاءته في القتال رغم المليارات التي صرفها عليه.

السيطرة على صنعاء:
على الرغم من مشاركة أعداد كبيرة من أنصار الحوثي في الانتفاضة الشعبية عام 2011، وتقاسمهم ذات الخيام مع أبناء القبائل التي خاضوا معها معارك امتدت لسنوات، إلا أن الانقسام عاد بين جميع المكونات التي توحدت ضد النظام بعد توقيع الاتفاقية الخليجية، وتولي نائب صالح عبد ربه منصور هادي مقاليد الحكم. وحتى بعد مشاركة ممثلين للحوثيين في الحوار الوطني الذي انعقد بعد توقيع الاتفاقية الخليجية، (والذي شهد اغتيال اثنين منهم وهما النائب عبدالكريم جدبان والدكتور أحمد شرف الدين، على يد مجهولين)، استمرت النزاعات المسلحة بين المقاتلين الحوثيين الذين يطلقون على أنفسهم لقب “أنصار الله”، وبين السلفيين وزعماء قبائل حاشد “آل الأحمر”، والتي انتهت بانقلاب حاشد على آل الأحمر وتوصلهم لاتفاق شامل مع الحوثيين، يقضي بالتعايش فيما بينهم وفتح الطرقات أمام أنصار الحوثي وإنهاء كل أشكال الثأر، وبالتالي إحكام سيطرتهم على محافظة عمران المتاخمة للعاصمة صنعاء. تلى ذلك  إعلان رفض القرار الرئاسي الأخير الذي يقضي برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وهو قرار وجد رفضاً وسخطاً من قبل المجتمع اليمني، لأنه يُحمّل المواطن البسيط تبعات اقتصادية لسياسة اقتصادية فرضها البنك الدولي، دون أن تحقق أي نتائج إيجابية. في هذه المرحلة، احتشد الحوثيون وحلفاء لهم من قبائل صغيرة حول صنعاء، في استجابة لنداء عبد الملك الحوثي الذي دعا للاعتصام لرفض هذا القرار والمطالبة بتغيير الحكومة في صنعاء. وفي ذات الوقت الذي استمر فيه تمدد الحوثيون في مناطق حجة والجوف وفرضهم الحصار على العاصمة صنعاء، كانت المفاوضات بين الوفد الرئاسي وقادة التمرد الحوثي قد تعثرت، واتهم الحوثيون حكومة هادي بالانقلاب على مخرجات الحوار الوطني، معتبرين مبادرة الرئيس التي تنص على تشكيل حكومة كفاءات تمثل كافة الأطراف في اليمن، محاولة جديدة لتكرار الفساد والالتفاف على مطالب الشعب قائلين بأنه كان  يُفترض أن يتم التشاور معهم قبل الإعلان عن المبادرة رسميا.

بعد أسابيعٍ من الاعتصام؛ توغل الحوثيون في العاصمة صنعاء دون أن تواجههم أي مقاومة تُذكر سوى بعض الاشتباكات، فتمكنوا من إحكام سيطرتهم على معظم المؤسسات الحيوية فيها، لعل أهمها مقار وزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة ومجلس الوزراء والبنك المركزي ومبنى الإذاعة والتلفزيون. أعقب ذلك تقديم رئيس حكومة التوافق الوطني محمد سالم باسندوة استقالته من رئاسة الوزراء متهماً الرئيس هادي بالتفرد بالسلطة، وتلا ذلك سيطرة الحوثيون على مقر رئاسة الوزراء. وبعد أن تأكدت سيطرتهم على العاصمة؛ قَبِل الحوثيون بتوقيع اتفاق تسوية مع الحكومة وممثلي القوى السياسية اليمنية، يتضمن تشكيل حكومة شراكة وطنية، بحضور المبعوث الأممي جمال بن عمر، مع رفضهم التوقيع على الملحق الأمني للاتفاق. ويمكن أن يُسهم هذا الاتفاق في بقاء اليمن موحداً خاصة وأن ممثلين عن الحراك الجنوبي قد وقعوا عليه، وسيكون لهم تواجدهم في الحكومة الجديدة، بعد أن كانوا يشعرون بالتهميش في الحكومة السابقة.

هذه الخطوات التي أقدمت عليها جماعة أنصار الله تذكرنا بسيناريو “7 أيار” في لبنان، حيث بدؤوا بالاعتصام ورفع مطالب اقتصادية بالمقام الأول، ثم تعففوا عن السلطة بعد أن أحكموا سيطرتهم على العاصمة وكل مفاصل الدولة، وختموا تحركهم بتسليم المؤسسات التي سيطروا عليها للشرطة العسكرية، والتوقيع على اتفاق شراكة وطنية. أي أن الهدف لم يكن السيطرة على السلطة واستعادة حكم الإمامة، بل فرض رؤيتهم عبر أخذ موقع اللاعب الأبرز في العملية السياسية، إلى جانب ضرب آل الأحمر وإضعاف حزب الإصلاح. ويبدو أن الحوثيين قد استفادوا من وجود جماعات في الجيش تدين بالولاء لعلي صالح، مما سهل عليهم إتمام مخططاتهم دون وجود مقاومة حقيقية، لكن هذا لا يعني عودته إلى الحكم أو أنهم سيمنحونه هذه الفرصة. كما أن الرضا (أو التغاضي) الإقليمي والدولي على عمليتهم كان حاضراً فيما يبدو.

الحوثيون ثبتوا أنفسهم لاعباً يملك الفيتو في المعادلة السياسية اليمنية، واستفادوا من تحالفات قبلية ومع قطاعات واسعة متضررة اقتصادياً، ويمكن القول أن الخاسر الأكبر جرّاء هذه الأحداث هم آل الأحمر، خاصة علي محسن الأحمر، حيث تعتبر نهايته بمثابة نهاية الرجل الثاني في النظام القديم؛ إذ كان يشكل مع زعيم حاشد (عبدالله الأحمر، ومن بعده نجله صادق) وعلي عبدالله صالح تحالفاً ثلاثياً يمثل حجر الزاوية لحكم علي عبدالله صالح، الذي لم يستطع حكم اليمن بدون اقتسام السلطة مع شخصيات قبلية وعسكرية رغم ميوله الاستبدادية، وذلك بسبب طبيعة اليمن التي تعتبر القبيلة فيها أقوى من الطائفة، ويتضح ذلك من طبيعة التحالفات القائمة فيها. وتشير التقارير ومنها وثيقة ويكيلكس إلى أن علي محسن كان يمثل قبضة صالح الحديدية، ويُعد ثاني أقوى رجل في اليمن، كما يسيطر على أكثر من 50% من الموارد والأصول العسكرية اليمنية، وكان وراء إنشاء المراكز الوهابية شمال اليمن مدعوماً من المملكة العربية السعودية، وُيتهم بالضلوع في عمليات تهريب الديزل والأسلحة وغيرها من المواد الغذائية والاستهلاكية. وبنفس الطريقة كونت أسرة آل الأحمر ثروة واسعة إلى جانب النفوذ الكبير نتيجة هذه العلاقة مع النظام القديم، رغم زعامتها لحزب الإصلاح المحسوب على المعارضة. ويبدو بأن هذه الإمبراطورية توشك على الانهيار على يد جماعة الحوثي، التي استهدفت رموز الأسرة، واستولت على قصورهم بعد السيطرة على العاصمة وتوقيع التسوية السياسية.

أما تنظيم القاعدة فقد تبنى هجوماً انتحارياً ضد الحوثيين في صعدة، في الوقت الذي أطبقت فيه جماعة الحوثي سيطرتها على صنعاء، وذكرت جماعة أنصار الشريعة أنها تمكنت من كسر حصار فرضه عليها مسلحون حوثيون في منطقة دمت، إلى جانب تمكنهم من أسر عدد من الحوثيين. الأمر الذي يهدد باشتعال حرب طائفية بين الجماعتين، خاصة وأن خمسة عشر ألف شخصاً كانوا قد أُرغموا في وقت سابق على مغادرة منازلهم ومزارعهم تحت وطأة القصف والحصار الذي فرضه الحوثيون على سكان منطقة دماج السلفية لقرابة مئة يوم في وقتٍ سابق، في أكبر عملية تهجير لجماعة دينية يشهدها اليمن منذ سنوات طويلة.

إن وجود دولة ضعيفة وجماعات متصارعة، يعني أن اليمن ستظل ساحة صراع إقليمي ودولي، وبالتأكيد فإن إيران وغيرها من القوى المتصارعة على النفوذ في المنطقة لن يقفوا بعيداً عن هذه الساحة. ويبقى السؤال الأهم، هل يمكن للحوثيين الذين يرفعون شعار العداء لأمريكا وإسرائيل أن يقودوا اليمن للتحرر تدريجياً من الهيمنة الخارجية ولاسيما السيطرة الأمريكية، أم أنهم سيكونون براغماتيين جداً في التعاطي مع هذه الهيمنة؟

الحراك الجنوبي:
أُسِّس الحراك الجنوبي مطلع عام 2007، ليكون مظلة لمختلف المكونات الجنوبية المناهضة للحكومة اليمنية. وقد رفع الحراك في بداية مسيرته شعارات مطالبة بالإصلاح ومنددة بالفساد وتهميش الجنوبيين سياسياً واقتصادياً، لكن تعنُّت النظام دفعهم لاتباع نهج أكثر راديكالية، وأصبحت حركتهم لا تناهض علي عبدالله صالح ونظامه فقط، وإنما تدعو لفك الارتباط بين اليمَنَين الشمالي والجنوبي، وعودة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

فترة حكم اليمن الديمقراطية الشعبية:
كان الحزب الاشتراكي اليمني من ضمن التنظيمات المشاركة في حرب تحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني، وأصبح الحزب الحاكم بعد جلاء قوات الاحتلال وإعلان الاستقلال عام 1967. ويُعد من أكثر الأحزاب الحاكمة راديكالية في العالم العربي، إذ أعلن عن ماركسيته و دعا إلى النضال الاشتراكي الثوري. تمكن النظام الماركسي في اليمن من بناء دولة قوية نحّت دور القبيلة، فأصبحت العلاقة بين المواطن والدولة مباشرة ولا تحتاج لوساطة شيخ قبيلة أو طائفة، و حقق تقدماً كبيراً في مجال التعليم والقضاء على الأمية، وبنا اقتصاداً قوياً كما دعم السلع والخدمات الأساسية. إلا أن فترة حكمه اتسمت بالقمع وتقييد حرية التعبير الشديدَين، بالإضافة إلى أن الخلافات بين فصائل الحزب الاشتراكي كانت شديدة وتخللتها أعمال عنف بلغت ذروتها في حرب أهلية استمرت أسبوعين، في يناير/ كانون الثاني 1986، أسفرت عن مقتل الآلاف من أعضاء الحزب والمدنيين. وبعد هذه الصراعات الدامية، حاول الحزب التعافي من آثار الحرب، والتغيير من نهجه والقيام بعمليات إصلاح ترتكز على القبول بالتعددية السياسية. وقد كانت نهاية الحرب الباردة وفقدان اليمن الجنوبية  للدعم السوفياتي، بالإضافة لاكتشاف النفط في مناطق حدودية بين اليمَنَين، عوامل محفزة للسير نحو الوحدة.

الوحدة اليمنية:
منذ نهاية الثلث الأول من القرن التاسع عشر، حين قامت بريطانيا باستعمار الجنوب عام 1839، ثم استولت القوات العثمانية على الشمال عام 1848؛ والشعب اليمني يخوض نضالاً تحررياً وحدوياً، وصل ذروته عند اندلاع ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 بقيادة تنظيم الضباط الأحرار، وبدعم من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، حيث كان قيام الدولة اليمنية الموحدة في نطاق الوحدة العربية الشاملة، من أهم أهداف الثورة، جنباً إلى جنب مع إنهاء حكم الإمامة في الشمال، وتحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني. وقد وفّرت هذه العوامل الثقافية والتاريخية بيئة مناسبة لانتشار السعي نحو الوحدة عند شريحة كبيرة من السكان في شطري اليمن، إلا أن الحكومتين اليمنيتين ظلتا طول عقدي السبعينات والثمانينيات في حالة عداء وخصومة.

يوجد جدل حول الأسباب الكامنة وراء قرار الوحدة المفاجئ، لكن يبدو بأن الفوائد السياسية والاقتصادية قد جذبت كلا الحكومتين للوحدة، مع اعتقاد كل منهما بأنه يمكنها التفوق على نظيرتها وتوسيع سلطتها بالحيلة، خاصة في ظل أجواء عدم الثقة السائدة بين النظامين، والاختلافات الكبيرة بينهما. ورغم كل هذا فقد تم إعلان الوحدة الاندماجية بين الجمهورية العربية اليمنية، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، في 22 مايو/أيار 1990، بموجب صيغة انتقالية لتقاسم السلطة، على أن يتم إجراء أول انتخابات ديمقراطية. ولأن عدد سكان الشمال خمسة أضعاف سكان الجنوب، أصبحت صنعاء مقر الحكومة، وشغل علي عبدالله صالح منصب الرئيس المؤقت، وعلي سالم البيض (زعيم الحزب الاشتراكي) نائبه، وأصبح حيدر سالم العطاس من حضرموت رئيساً للوزراء، أي أن تقسيم السلطة -نظرياً على الأقل- تم بشكل مُنصف إلى حد معقول.  بعد ذلك جرت الانتخابات البرلمانية في اليمن، والتي تُعتبر الأولى في الجزيرة العربية، و تم ضمان حق التصويت لجميع المواطنين فوق 18 سنة، ثم اعتُمد الدستور الجديد عام 91، والذي كفل حق الترشيح والتصويت لجميع المواطنين البالغين، ورسّخ أسس المساواة واستقلال القضاء، ونصّ على أن يكون البرلمان منتخب انتخاباً مباشراً، وعلى أن الشريعة الإسلامية هي “المصدر الرئيس للتشريع“، (الأمر الذي لم يُعجب حزب الإصلاح، لاعتقاده بأن هذه الصيغة تؤدي إلى دولة علمانية، ونجحوا في تغييرها إلى “مصدر جميع التشريعات” عام 94).

ورغم ذلك لم تكن الوحدة حقيقية؛ إذ احتفظ كل جانب بجيشه، والأهم من ذلك هو تعرض أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني، لسلسلة من الاغتيالات راح ضحيتها ما يقارب 150 عضواً، اتهموا صالح وحلفاءه من المقاتلين اليمنيين السابقين في أفغانستان بالوقوف وراءها، كما اتهموه  بتهميش الجنوب اقتصادياً رغم أنها تنتج معظم عائدات النفط في اليمن. ثم جاءت نتيجة الانتخابات عام 1993، مهمِّشة للحزب الاشتراكي، حين حصل حزب المؤتمر الشعبي العام، وحزب الإصلاح (الذي أُسس بعد الوحدة ببضعة أشهر بطلب من علي عبدالله صالح، وكانت سياساته في سنواته الأولى مماثلة تماماً للحزب الحاكم، حيث كان حزباً إسلامياً معتدلاً غير معارض، ثم تغير الوضع تدريجياً منذ أن أصبح عضواً في المعارضة عام 97.) على أغلب مقاعد البرلمان، الأمر الذي أدى لتركز السلطة في أيدي النخب الشمالية، وكانت المحصلة لكل هذه التراكمات هي اندلاع الحرب الأهلية عام 1994.

الحرب الأهلية (1994):
لم تندلع الحرب الأهلية دفعة واحدة، وإنما كان التصعيد وأعمال العنف يتزايدان بتسارع، وتم بذل الكثير من الجهود لتسوية الأزمة وتفادي الحرب، والتي كان يعتبرها ناشطو المجتمع المدني في الشمال والجنوب صراعاً بين النخب السياسية، وليست حرباً بين شعبين. وكانت الوساطة العربية التي أدت إلى توقيع وثيقة “العهد والاتفاق” في العشرين من فبراير وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على الأزمة، في العاصمة الأردنية عمّان، من أبرز الجهود التي بُذلت في هذا الإطار. إلا أنه وبعد مرور أقل من يوم على توقيع الوثيقة، انطلقت مجموعة عسكرية من لواء العمالقة (أحد أكبر الألوية المدرعة الشمالية) وحاصرت عدداً من المقرات الحكومية لمحافظة أبين الجنوبية، ورد الجنوب بقوات مضادة وحدث اشتباك أسفر عن وقوع قتلى من الجانبين. وهكذا استمر تبادل القصف، حتى أعلن قادة الجنوب الانفصال واستقلال جمهورية اليمن الديمقراطية في 21 مايو 1994. ومن المفارقات في هذه الحرب أن المملكة العربية السعودية قدّمت دعمها للانفصاليين، كرد فعل على دعم صالح للرئيس العراقي الراحل صدام حسين في حرب الخليج الثانية.

بعد إعلان الانفصال، توجّهت قوات علي عبدالله صالح نحو الجنوب وخاضت العديد من المعارك، محاولة فرض سيطرتها على كافة الأراضي قبل وصول مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، على إثر قرار مجلس الأمن رقم 924 الداعي إلى وقف إطلاق النار، وحظر استيراد الأسلحة، وإرسال مبعوث لتقصي الحقائق. في السادس من يوليو، أعلنت القيادة الشمالية بدء تنفيذها لقرار مجلس الأمن، إلا أن وقف إطلاق النار لم يصمد أكثر من بضع ساعات، مما يدل على أن هذا الإعلان لم يكن إلا لتضليل القوات الجنوبية. بعد الإعلان؛ توغلت القوات الشمالية لفرض سيطرتها على كافة مناطق جنوب اليمن، وبالفعل نجحت خلال يومي 6،7 يوليو 1994 من السيطرة على مدينتي عدن، والمكلا (الغنية بالنفط)، وفرّ علي سالم البيض مع خمسة من مساعديه إلى سلطنة عمان طالبين اللجوء، وتم إعلان نهاية الحرب.

علاوة على تكلفة الحرب العالية على كافة الأصعدة، فإن إدارة صالح للبلاد في الفترة التي تلت الحرب زادت الأزمات عمقاً، بدلاً من أن تخلق رابطاً وطنياً بين الشماليين والجنوبيين. حيث اتخذ حزب المؤتمر الشعبي العام -والذي خرج منتصراً من المعركة- إجراءات صارمة ضد الحزب الاشتراكي اليمني، كما اعتمد تعديلات دستورية عاجلة، تراجع فيها عن العديد من الإصلاحات التي تلت التوحيد، و صدرت هذه التعديلات من لجنة خاصة يُشرف عليها حزبَي المؤتمر والإصلاح، وبدون إجراء استفتاء شعبي. فتم تعديل ما يُقارب نصف مواد الدستور الأصلي، بالإضافة إلى إضافة 29 مادة جديدة، يصب مجملها في توسيع صلاحيات الرئيس، فأُلغي مجلس الرئاسة (هيئة مكونة من خمسة أعضاء منتخبين من قبل البرلمان)، وحلّ محله مجلس شورى يتم تعيين أعضاءه من قبل الرئيس، وخلافاً لمجلس الرئاسة، فإن مجلس الشورى هيئة استشارية لا تُصدر قرارات مُلزمة، برغم منحها مهاماً تشريعية طفيفة. كما سمح الدستور الجديد للرئيس بأن يعين رئيس الوزراء متجاوزاً مجلس القضاء الأعلى.

تأسيس الحراك الجنوبي:
بالإضافة إلى المظالم التي أدت إلى الحرب الأهلية عام 94، يشتكي الجنوبيون اليوم من استيلاء النخب الشمالية غير الشرعي على أراضيهم ومنازلهم، وإحالة أعداد كبيرة منهم للتقاعد القسري من وظائفهم المدنية والعسكرية رغم صغر سنهم، واحتجاز معاشات ضباط الجيش التقاعدية أو منحهم معاشات عديمة القيمة. بالإضافة لاتخاذ إجراءات قمعية، مثل فرض الرقابة على الصحافة؛ مما أدى إلى إغلاق سبع صحف في مايو 2009، أبرزها صحيفة “الأيام” مقرها عدن، وهي الأقدم والأكثر شعبية واستقلالية في اليمن. مع شن حملات اعتقال واسعة ضد المعارضين والصحفيين. كل ذلك ولّد شعوراً لدى الجنوبيين بأنهم تحت احتلال المنتصر في الحرب الأهلية، وبأن ثروتهم تُستغل من قبل الحكومة لصالح قوات الأمن التي تقمعهم، مما أكسب الحركة الانفصالية شعبية كبيرة.

في أواخر عام 2006، قام مجموعة من المتقاعدين بتأسيس “جمعية المتقاعدين العسكريين والأمنيين المُسرّحين“، ليطالبوا بحقوقهم ويُنظِّموا التظاهرات، و كان المناخ العام مهيأً لانضمام متظاهرين من جميع شرائح الجنوب خاصة من الشباب العاطلين عن العمل، وموظفي الخدمة المدنية، إلى الحراك الذي بات يُعرف لاحقاً بالحراك السلمي في الجنوب، مطالبين بجملة من الإصلاحات السياسية والقانونية في إطار الوحدة، عن طريق المظاهرات والاعتصامات والمهرجانات والمسيرات، وغيرها من أشكال الاحتجاجات السلمية. إلا أن الحكومة واجهت هذه التظاهرات بالعنف الذي وصل لحد إطلاق النار وقتل المتظاهرين، بالإضافة لاعتقال آلاف المشاركين أو حتى المارة، بينهم أطفال، اعتقالاً تعسفياً، يصل للاحتجاز لفترات طويلة دون محاكمات، أو يواجه المعتقل في حال تمت محاكمته، اتهامات غامضة ومسيّسة مثل “المساس بالوحدة الوطنية”، و “التحريض على الانفصال”. ولم يسلم الصحفيين وكُتّاب الرأي من تعنت الحكومة، حيث شُنت ضدهم حملة واسعة النطاق من التخويف والتهديد، بالإضافة للاعتقال، وتلفيق التهم، لأنهم يوثقون تجاوزات الحكومة سواء في الجنوب أو في صعدة. وأسهمت المملكة العربية السعودية، في عدد من هذه الاعتقالات، حين اعتقلت عدداً من ساكنيها الكُتاب والمدونين المعارضين اليمنيين، وسلمتهم للسلطات اليمنية، وقد رصدت هيومن رايتس ووتش في تقريرها “باسم الوحدة: رد الحكومة اليمنية القاسي على احتجاجات الحراك الجنوبي“، عدداً كبيراً من انتهاكات الحكومة اليمنية بحق ناشطي الحراك.

دفعت ممارسات الحكومة المتظاهرين إلى رفع أعلام اليمن الديمقراطية الشعبية كشعار يرمز للانفصال، معتبرين الوحدة الحالية وحدة تحت السيطرة العسكرية المحضة، ومشبهين ما حدث بالاحتلال. وتجدر الإشارة إلى أن حادثة إطلاق قوات الأمن التابعة للرئيس صالح النار على المتظاهرين عشية 14 أكتوبر، والتي قُتل على إثرها أربعة رجال في مدينة ردفان، تسببت بتغيير سير المظاهرات تماماً، وحولتها إلى حركة سياسية (مسلحة أحياناً) تطالب بالانفصال. ومن المهم أن نذكر أنه في 14 أكتوبر 2007 كان المتظاهرون يحيون الذكرى السنوية الرابعة والأربعين لأحداث عام 1963، عندما أطلق جنود السلطة الاستعمارية البريطانية على اليمنيين النار وقتلوا سبعة رجال في نفس البلدة ردفان، تلت هذه الحادثة حالات عُنف من بعض المتظاهرين. على سبيل المثال، شهد شهري مارس وأبريل من عام 2008 أعمال شغب متعددة في الضالع ومحافظات ردفان قام خلالها عشرات الآلاف من المحتجين بإشعال النار في مراكز الشرطة و الجيش. وفي إحدى التظاهرات التي خرجت للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، تم إطلاق النار على أهداف حكومية وقتل أربعة جنود في كمين في محافظة أبين، بعد خمسة أيام من مسيرة زنجبار وقصف مبنى لمكاتب حزب المؤتمر الشعبي العام. وقد استغلت الحكومة هذه الاعتداءات للترويج لعلاقة تجمع الحراك بتنظيم القاعدة، ليندرج قمعها للحراك تحت بند ما يسمى بالحرب على الإرهاب.

ويزيد من تعقيد الوضع، اختلاف فصائل الحراك وغياب القيادة الموحدة، إذ يمثل المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب الفصيل الرئيس للحراك، ويضم فصائل أخرى، من بينها: (الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب، والمجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب، والتجمع الديمقراطي الجنوبي، واتحاد شباب وطلاب الجنوب). تختلف رؤى هذه الفصائل حول ماهية الحل للقضية الجنوبية؛ ففي حين تقبل بعض الفصائل بالحوار وطرح حلول مثل إقامة دولة فدراية، ترفض أخرى أي حل سوى استعادة الدولة الجنوبية المستقلة، وفي الوقت الذي تتمسك فيه بعض الفصائل بالنضال السلمي، تهدد أخرى باللجوء إلى الكفاح المسلح إذا لم تتم الاستجابة الكاملة لمطالبها. ويُعد إعلان طارق الفضلي (المقاتل السابق في أفغانستان ضد السوفييت، وابن أحد سلاطين محافظة أبين قبل الاستقلال، وحليف علي صالح سابقاً في حربه ضد الماركسيين) انضمامه للحراك الجنوبي، نقطة تحول مهمة في مسيرة الحراك، إذ أشارت وثيقة ويكيليكس إلى أن علاقات الفضلي مازالت جيدة مع مقاتلي القاعدة في جزيرة العرب، و أشار التقرير إلى أنه قام ببناء ميليشيا قبلية لمواجهة النظام.

تنظيم القاعدة في جزيرة العرب:
لا ينظر قطاع عريض من المجتمع اليمني إلى فكر القاعدة أو حتى أعضائها باعتبارهم أشياء أجنبية مزروعة من الخارج، بل هو فكر متجذر بقوة في كل من السياق الاجتماعي والمعتقدات الدينية لدى قطاعات واسعة من المجتمع. ويتمتع التنظيم في اليمن بالقوة منذ نشأته نهاية الحرب الباردة، خاصة مع دعم علي صالح، الذي قام باستخدامه في أكثر من مرة ضد خصومه السياسيين، كما حدث في حربه مع المتمردين الحوثيين في الشمال و قمعه للانفصاليين في الجنوب عبر دمج العديد من محاربي الحرب الأفغانية القدامى في قواته الأمنية. وقد استفاد التنظيم من مشاعر الغضب الناتجة عن الفساد وتدهور الوضع الأمني، ليقوم بتجنيد الشباب. وقد أدّت هشاشة الدولة اليمنية، مع وجود معدلات عالية من الفقر والبطالة والأمية، بالإضافة لازدهار سوق السلاح، والتمرد الحوثي في الشمال، ودعوات الانفصال في الجنوب، أدى هذا المزيج من العوامل إلى جعل اليمن بيئة حاضنة مناسبة لإيواء الفكر الجهادي متمثلاً بتنظيم القاعدة.

نشأة التنظيم وأهدافه:
تسامحت الحكومة اليمنية مع وجود القاعدة على أرضها، لتستفيد من هذا التواجد لخدمة مصالحها الخاصة. لكن قيام “القاعدة في اليمن” في أكتوبر/تشرين الأول 2000، بمهاجمة مدمرة البحرية الأمريكية “كول” قبالة ساحل عدن، كان بداية الانهيار لهذه المصالح، إذ تعھد صالح تحت ضغط الولايات المتحدة وحلفائها بكبح جماح الجماعة، وكان رد الجماعة أن اعتبرت الحكومة اليمنية هدفاً إضافياً لها.


وفي يناير/كانون الثاني 2009، تم إعلان إنشاء “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب“، عن طريق دمج فرعي القاعدة في كل من المملكة العربية السعودية واليمن. و أعلن عملية الاندماج قائد التنظيم ناصر الوحيشي المعروف بـ “أبي بصير”، وهو مقاتل سابق -كان مقرباً من أسامة بن لادن- في أفغانستان، وأحد عناصر القاعدة الـ 23 الذين تمكنوا من الفرار من سجن صنعاء المركزي في فبراير 2006، و يقود التنظيم إلى جانبه زميله الفار من السجن قاسم الريمي، بالإضافة إلى سعيد الشهري (الرجل الثاني في التنظيم، والمكنى بأبي سفيان الأزدي، وكان قد لقي حتفه في غارة جوية لطائرة أمريكية بلا طيار)، ومحمد العوفي (سلم نفسه للسلطات السعودية، بعد أن أدرجته على قائمة الـ 85 مطلوب)، وهما من معتقلي غوانتانامو السابقين، الذين غادروا المملكة العربية السعودية إلى اليمن، هرباً من حملة المملكة ضد القاعدة.

العديد من أعضاء الجماعة هم من قدماء المحاربين في أفغانستان والعراق. إلى جانب استفادة الشبكة من تدفق المُجنَّدِين الأجانب الذين سافروا إلى اليمن للدراسة في المدارس الدينية. ويستهدف التنظيم الوجود الغربي في جزيرة العرب بالإضافة لقوات الأمن، كجزء من مخطط لإسقاط الحكومتين السعودية واليمنية والحكومات العربية الراهنة وإقامة الخلافة الإسلامية، وتحرير الأقصى، معتبرين حكام المنطقة “خونة وعملاء يعملون على حماية اليهود والنصارى والرافضة المجوس”.

وقد أحدث تأسيس تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، نقطة انعطاف في شكل وأداء شبكة القاعدة؛ لأنه يُعتبر نموذجاً مختلفاً عن نماذج الجماعات السابقة، التي كانت تخضع للمركز وتتلقى تعليماتها منه. أما هذا النموذج فيشير إلى أن الشبكة لم يعد تنظيمها مركزياً أو موجّهاً، مع استمرار العلاقة بين الأصل والفروع، حيث يلعب المركز دور الوسيط أو الاستشاري، لكنه لا يُصدر التوجيهات. ومن الآثار المترتبة على هذا النموذج الجديد لجماعات القاعدة، مرونة عمل الشبكة وازدياد قوتها، خاصة وأن العمليات التي تستهدف مجموعة محددة من منسوبيها، يكون تأثيرها الكلي على الشبكة كاملة محدوداً.

أماكن الانتشار وأهم العمليات:
تُقدّر مساحة الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة في اليمن بآلاف الكيلومترات، إذ أسهم سحب صالح للجيش إلى صنعاء، أثناء الانتفاضة الشعبية عام 2011، في تمدد تنظيم القاعدة واتساع نفوذه. ويمكن تقسيم مناطق انتشار التنظيم إلى قسمين، الأول يشمل المحافظات التي تمت السيطرة عليها بشكل شبه كامل، مثل محافظة أبين ومناطق واسعة من محافظة شبوة الغنية بالنفط، وبعد أن تمكن التنظيم بين عامي 2011- 2012 من الاستيلاء على مدن مثل زنجبار وجعار وعزان، أعلنها إمارات إسلامية، وقام بالسيطرة على القواعد العسكرية وهمّش السلطات المحلية، وبدأ بممارسة مهام الدولة فسن القوانين، وأنشأ المحاكم ومراكز الشرطة، وتمكن بنجاح من اجتذاب السكان المحليين ورجال القبائل عن طريق توفير المياه والخدمات الأساسية، وقد أغرى هذا التوسع أعداداً من الشباب بالانضمام للتنظيم -حتى وإن كانوا مجرد ساخطين على الأوضاع الحالية وليسو من حاملي الفكر الجهادي-، و أدى هذا التقدم إلى اقتراب التنظيم من عدن، ثاني أكبر مدينة في اليمن، والمركز الاستراتيجي الرئيس لحركة الملاحة الدولية عبر مضيق باب المندب، مما دفع القيادة اليمنية إلى اللجوء لخوض الحروب مع التنظيم بعد أن سيطروا على هذه المناطق لأكثر من عام، وتمكن الجيش اليمني مدعوماً بهجمات جوية أمريكية من استعادة المدن بعد انسحاب التنظيم التكتيكي.

والقسم الثاني هو أذرع وخلايا التنظيم التي تنتشر في مناطق عدة وتقوم بتنفيذ عمليات تستهدف الأمن والمخابرات والسجون، وتنفذ عمليات اغتيال بحق ضباط وشخصيات حكومية، بالإضافة لاستهداف المصالح لأجنبية، أبرز هذه المناطق، عدن ولحج وحضرموت ومأرب والجوف (على حدود السعودية) والبيضاء، وتوجد خلايا نائمة تنشط بين فترة وأخرى في جميع محافظات اليمن تقريباً.

وربما تكون أبرز عمليات التنظيم هي محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف، في27 أغسطس 2009، عن طريق تفجير انتحاري، أدى إلى إصابة بن نايف بجروح طفيفة بينما توفي منفذ التفجير. وفي 25 ديسمبر 2009، حاول عمر فاروق عبد المطلب تفجير طائرة متجهة إلى ديترويت، واتُهمت القاعدة في جزيرة العرب بالوقوف خلف المحاولة، الأمر الذي لم ينفيه التنظيم، بل أعلن أنور العولقي (الذي قُتل  مع ابنه “16 عاماً”،بعد استهدافه عن طريق غارة جوية لطائرة أمريكية بدون طيار) تأييده لهذه المحاولة. بالإضافة إلى ذلك، تبنى التنظيم العملية التي استهدفت موكب السفير البريطاني في صنعاء، والتي أسفرت عن وفاة منفذ العملية وجرح ثلاثة من المارة. ورصد التقرير الإخباري الأول للتنظيم في مجلته “صدى الملاحم”، العمليات التي نُفذت في خمسة أشهر، تحت مسمى “نفي الخبث”، واستهدف بعضها مقرات ودوريات ونقاطاً عسكرية وأمنية، وكان نتيجتها اغتيال ضباط وقيادات في الجيش والأمن والاستخبارات. وبصفة عامة لم يستهدف التنظيم المدنيين اليمنيين، إلا أنه أعلن قتله لعدد منهم بعد أن اتهمهم بالتجسس لصالح حكومتي اليمن والولايات المتحدة.

هجمات “الدرونز” الأمريكية والحرب على “الإرهاب”:
أصبحت اليمن مسرحاً للحرب الأمريكية على ما يُسمى بالإرهاب، منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وعلى إثر ذلك عُقدت اتفاقات بين الحكومة اليمنية والولايات المتحدة، تقوم الأخيرة بموجبها بتدريب وتجهيز وحدات لمكافحة الإرهاب في اليمن. فتم إنشاء وحدتين، الأولى عسكرية، وهي “قوات العمليات الخاصة”، والتي كان يرأسها أحمد نجل الرئيس صالح، إلى جانب رئاسته للحرس الجمهوري، والثانية شبه عسكرية، وهي “وحدة مكافحة الإرهاب”، وكان يرئسها يحيى صالح، ابن شقيق الرئيس اليمني، كجزء من قوات الأمن المركزي. علاوة على ذلك، تم إحلال عناصر من مشاة البحرية الأمريكية “المارينز“، بالإضافة للاستخبارات الأمريكية المركزية “CIA”، في الأراضي اليمنية، إلى جانب السماح للولايات المتحدة بشن غارات جوية على اليمن، أغلبها بطائرات دون طيار، تنطلق من قاعدة “ليمونير” في جيبوتي، بالإضافة لقاعدة سرية في المملكة العربية السعودية، لاستهداف من “تشتبه” الحكومة الأمريكية بانتمائه إلى القاعدة، دون أن تُوجه أي تهمة للأشخاص المستهدفين. وتُقدم الحكومة الأمريكية لليمن أكثر من مليار دولار، تستخدمها كورقة ضغط لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية، تحت غطاء المعونات والمساعدات الإنسانية، تم تخصيص معظمها لمكافحة الإرهاب، فتحولت اليمن نتيجة لذلك إلى ثكنة عسكرية أمريكية.

تتعامل الولايات المتحدة مع عمليات القتل المُستهدف بسرية تامة، وترفض الكشف عن أي معلومات حول حجم الخسائر سواء البشرية أو المادية، أو حتى هوية الأشخاص المدرجة أسماءهم على قائمة الأهداف الأمريكية في اليمن. وأسهمت الحكومة اليمنية في نشر معلومات مُضللة حول العمليات وضحاياها، كما أدلت أحياناً بتصريحات كاذبة تدّعي فيها بأن الغارات الجوية الأمريكية كانت من عمل القوات الجوية اليمنية. فعلى سبيل المثال؛ زعمت حكومة صالح في عام 2009 بأنھا المُنفذ للغارة التي راح ضحيتها 41 مدنياً في جنوب أبين، إلا أن وثيقة ويكيليكس التي نشرت تفاصيل الحديث الذي دار بين علي صالح، و قائد القوات المركزية الأمريكية ديفيد بترايوس، في يناير 2010 عقب الضربات الجوية التي نُفذت ضد تنظيم القاعدة في اليمن، تُخبر بأن صالح قد طمئن بترايوس بأنهم سيستمرون بالقول بأن القوات اليمنية هي التي قامت بشن الضربات لا الأمريكية، في محاولة للتغطية على الدور الأمريكي في اليمن.

ويصعب تحديد عدد الغارات الأمريكية على اليمن، أو معرفة عدد ضحاياها على وجه الدقة، وذلك بسبب التعتيم الشديد الذي تمارسه كلا الحكومتين الأمريكية واليمنية، إلا أن منظمة بحثية تمكنت من رصد  94 عملية قتل مستھدف في اليمن،  منذ عام 2002، قامت بها القيادة الأمريكية المشتركة للعمليات الخاصة، وھي ذراع عسكرية شبه سرية، ووكالة المخابرات المركزية “CIA”، ورصدت ” The Bureau of Investigative Journalism” نحو 174-270 غارة على اليمن منذ 2002 وحتى 2014، بالدرون وغيرها، راح ضحيتها ما يقارب 807-1389 قتيلاً، ونحو 185-429 جريحاً، وقدّم عضو الكونجرس دينيس كوسينيتش إحصائية مفادها أن عدد ضحايا الدرون في اليمن لا يقلون عن 1952  شخصاً، كما رصدت هيومن رايتس ووتش في تقريرها “بين الدرون والقاعدة” المدنيون يدفعون ثمن القتل المُستهدف في اليمن، ست من هذه العمليات بالتفصيل.

رغم المجازر التي ترتكبها الطائرات بدون طيار في اليمن، والتي أودت بحياة أسر كاملة بينهم أطفال. واستهداف الصواريخ أكثر من مرة لمواكب أفراح، أو أي تجمع بشري يشتبه به الأمريكان، وتدمير البنية التحتية لعدة مدن وقرى، ورغم تولي عبد ربه منصور هادي للحكم بعد انتفاضة 2011. إلا أن شيئاً من سياسات اليمن نحو ضربات الدرون لم يتغير، بل استمر هادي بترديد مزاعم المسئولين الأمريكيين القائلة بأن الدرونز أكثر أماناً و كفاءة ودقة من غيرها. وأكثر من ذلك، فقد قام بمنح الدرون الأمريكية في بلاده تأييده غير المشروط عندما زار الولايات المتحدة في فبراير/شباط 2012، وأضاف بأنه “لا مثيل لدقتها، وأن هامش الخطأ لديها صفر“، في محاولة لتوثيق مكانته لدى الأمريكان كشريك في مكافحة الإرهاب. ويبدو أنه نجح في ذلك، فقد صرّح مسؤولون أمريكيون بأنه (أي هادي) أكثر موثوقية من سلفه صالح، كما عبّر أوباما عن امتنان أمريكا للسيد هادي!. وتجدر الإشارة إلى أن القرار النهائي لانطلاق أيّ من غارات الدرونز على اليمن يعود إلى الرئيس الأمريكي أوباما، ولا تتم الضربة إلا بعد موافقته الشخصية، بالإضافة لموافقة الرئيس اليمني.

باسم الحرب على الإرهاب واستهداف أعضاء القاعدة، يتم قصف البيوت على رؤوس ساكنيها وإعدام المئات من اليمنيين، دون لوائح اتهام أو محاكمة؛ لذا فإنه من المهم أن لا نقع في الفخ الذي يُصور مقتل قادة القاعدة أو أيّ من منسوبيها في اليمن وكأنه أمرٌ عادي ومبرر، لأنه علاوة على افتقار عمليات القتل للمشروعية الأخلاقية والقانونية، والذي يجعل قتلى الغارات منهم ضحايا كغيرهم من المدنيين، فإن الانتهاك الأمريكي لسيادة اليمن، سواء عن طريق البر أو البحر أو الجو، وقيامه بقتل أبنائها بتواطؤ مع المسؤولين اليمنيين أولاً، وجيران اليمن ثانياً، جريمة في حق اليمن دولة وشعباً؛ لأن هذا الانتهاك يزيد من ضعف وهشاشة الدولة اليمنية، ويهز شرعيتها بعيون مواطنيها، بل ويجعلهم معادين لها. ويبدو جلياً كيف تنظر الولايات المتحدة لشعوب المنطقة من خلال حروب الدرونز التي تشنها، فحياة الأشخاص الذين يتم استهدافهم لا تعني شيئاً للجندي الأمريكي الذي يقضي عليهم بضغطة زر، بينما ينظر إليهم وهم يموتون من خلال شاشته، وهو آمن في بلاده وبين أهله. ومن يعتقد بأن هذه الضربات قد أضعفت تنظيم القاعدة فهو مغيب عن الواقع، إذ تثبت التقارير من اليمن أن الغارات الأمريكية زادت من تعاطف السكان مع التنظيم، مع ازدياد غضبهم وحنقهم على الحكومة اليمنية، مما خلق حاضنة شعبية للقاعدة، شديدة العداء للولايات المتحدة وللغرب، ولحلفائهما من الحكومات العربية، وعزّز من قوة الفكر الجهادي خاصة لدى الشباب الناشئ.

هذا، وقد شهدت العاصمة صنعاء في الأول من أبريل 2014، تأسيس “المنظمة الوطنية لضحايا الطائرات بدون طيار”، كأول منظمة مُعترف بها تقوم بإيصال أصوات ضحايا الدرونز، و”تُعبر عن مناهضتها للحرب غير الأخلاقية التي تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية، عبر غارات الموت وصواريخ الدمار التي تنتهك كرامة الإنسان”، كما صرّح مؤسس ورئيس المنظمة، محمد القاولي، الذي أضاف بأن “المنظمة قد وُلدت من رحم المعاناة والهموم والأحزان، وجمعت أهالي الضحايا من كل أنحاء الوطن”،  وكان مؤتمر الحوار الوطني الذي شهدته اليمن، قد جرّم القتل خارج إطار القانون، بما في ذلك ضربات الطائرات الأمريكية بدون طيار والصورايخ الموَجَّهة، وأوصى بصياغة استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب ووضع قانون خاص بهذا الشأن. وكان البرلمان اليمني قد صوّت بغالبية أعضائه على قرار يقضي بمنع الطائرات الأميركية دون طيار من التحليق في الأجواء اليمنية، لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة، معتبرين هذه الضربات سبباً في توسع التنظيم، الأمر الذي تجاهلته حكومة الوفاق الوطني بقيادة هادي.

الانتفاضة الشعبية (2011):ـ
اندلعت “ثورة التغيير السلمي” مطلع عام 2011 واستمرت حتى تولي عبد ربه منصور هادي منصب رئيس الجمهورية عام 2012. اعتصم المتظاهرون في الشوارع للتنديد بما خلفه حكم علي عبدالله صالح الممتد لـ 33 عاما، من فقر وبطالة وأزمات أمنية وسياسية، إذ تُعد فترة حكمه من أكثر الفترات فساداً على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري. حاول صالح الحد من شدة التظاهرات عن طريق اعتقال عدد من النشطاء والمتظاهرين وتنظيم التظاهرات المؤيدة له، لكن أعداد المتظاهرين ورقعة الاعتصامات كانت تزداد في مختلف المحافظات اليمنية؛ مما دفعه إلى إعلان التراجع عن نيته بتمديد ولايته بعد أن تنتهي عام 2013، كما تعهد بعدم تمرير السلطة لابنه أحمد، إلى جانب القيام بجملة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية. لكن المتظاهرين قابلوا عرضه بالرفض وطالبوه بالتنحي الفوري عن السلطة وتغيير الحكومة. أعقب ذلك استخدام السلطات اليمنية للعنف في قمع المتظاهرين، لعل أشدها ما حدث في “جمعة الكرامة” حين قتل القناصة 52 متظاهراً. وكانت هذه نقطة التحول التي دفعت أعداداً من الجنرالات وزعماء القبائل والوزراء والدبلوماسيين للاستقالة والانضمام للمحتجين.

رغم أن اليمن من أكثر الدول تسلحاً في العالم، ورغم استخدام قوات صالح للعنف ضد المتظاهرين مثل ما حدث في ساحة الحرية في مدينة تعز عندما أقدم رجال الأمن على حرق خيام المعتصمين بمن فيها. إلا أن الثوار حاولوا الحفاظ على سلمية ثورتهم وعدم الانجرار للعنف الذي يجر البلاد إلى أتون حرب أهلية مدمرة.  ومع ذلك لم تخلُ الانتفاضة من اشتباكات مسلحة بين قوات موالية لصالح وأخرى لآل الأحمر، وكان الشيخ صادق الأحمر يستقبل المئات من شيوخ القبائل في منزله، الذين أعربوا عن دعمهم له، كما أن مسلحين قبليين وصلوا إلى صنعاء من محافظة عمران لدعمه. أسفرت هذه الاشتباكات عن سقوط قتلى من الجانبين، إلى أن حدثت حادثة تفجير “جامع النهدين” في الثالث من يونيو/حزيران 2011، التي أصيب فيها صالح مع عدد من كبار مسئولي الدولة.  أعقب هذه الحادثة اشتداد أعمال العنف ضد المتظاهرين والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى.

المبادرة الخليجية:
 في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وقّع علي عبدالله صالح على المبادرة الخليجية في الرياض، التي وافق بناء عليها على نقل سلطات الرئاسة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، وأن يتم تشكيل حكومة وفاق وطني يتقاسمها الحزب الحاكم واللقاء المشترك مناصفة، على أن تُقام انتخابات رئاسية في 21 فبراير 2012، مقابل منح صالح ومن عملوا معه الحصانة من الملاحقة القانونية والقضائية.

تباينت ردود فعل شباب الثورة حول المبادرة الخليجية، ففي حين قبل بها الشباب المنتمي لأحزاب سياسية كاستجابة لمواقف أحزابهم، رفضها الشباب المستقل رفضاً مطلقاً منذ أن تم اقتراحها. وينظر الشباب الرافض للمبادرة باعتبارها مؤامرة خليجية للالتفاف على الثورة وإعادة الحياة للنظام ليقضي عليها. ويدل على ذلك تعامل بنود المبادرة مع أبناء الشعب اليمني الذين نزلوا إلى الشوارع وقدموا الشهداء والجرحى، حين تم تهميشهم ولم يُلتفت إلى مطالبهم، بل على العكس تم منح الحصانة لمن كان يطالب المتظاهرون بمحاسبتهم وتقديمهم إلى العدالة، وإن تم إخراج علي عبدالله صالح من رأس السلطة، فإنه ومعاونيه ظلوا ممسكين بمفاصل البلاد. هذا التعامل مع الثورة باعتبارها أزمة سياسية بين القوى الفاعلة (الحكم والمعارضة) ممثلة بحزب المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك، وهي الجهات التي ظلت مسيطرة على الحياة السياسية في اليمن طيلة عقود مضت؛ هو السبب الرئيس الذي دفع شباب الساحات لرفض المبادرة والتشكيك بنوايا القائمين عليها، حيث خدمت بنود المبادرة مصالح الجهات التي أطلقتها وصاغت مفرداتها، إلى جانب مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، حليف النظام فيما يعرف بمكافحة الإرهاب. وبذلك وقعت اليمن تحت أجندة القوى الإقليمية والدولية، التي رفضت سقوط النظام وفي ذات الوقت ضمنت بقاء مصالحها في استقرار اليمن، التي ستؤدي الحرب الأهلية فيها إلى انتشار الفوضى في كل المنطقة. في المقابل يراها آخرون مخرجاً ملائماً لإنقاذ البلاد من حرب أهلية وشيكة، وإن جاءت على شكل تسوية سياسية لا تنسجم مع مطالب الثوار.

الحوار الوطني اليمني:
بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، أشرفت الحكومة الانتقالية اليمنية، المكونة من أعضاء الحزب الحاكم السابق وأحزاب المعارضة، على الحوار الوطني. وتمت خلاله مناقشة العديد من القضايا ذات البعد الوطني، من أهمها قضية الجنوب وصعدة، فضلاً عن قضايا العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية وإعادة هيكلة وحدات الجيش والأمن، بالإضافة إلى قضايا التنمية الشاملة واسترداد الأموال المنهوبة، وتشكيل لجنة لصياغة الدستور. تحت رقابة كل من جمال بن عمر، المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون اليمن، وسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية.

الفصل السابع:
لتنفيذ مخرجات هذا الحوار، استصدر مجلس الأمن قراراً وُضعت اليمن بموجبه تحت الفصل السابع، بحجة معاقبة معرقلي سير عملية التسوية السياسية. ووفقاً لمواد هذا الفصل فإنه يحق للأمم المتحدة قطع جميع الصلات الاقتصادية والدبلوماسية مع اليمن، وإذا رأى مجلس الأمن أن هذه التدابير لا تفي بالغرض، جاز له أن يتدخل عسكرياً عن طريق البر أو البحر أو الجو ليقوم بما يلزم من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدوليين. إذاً فإن البند السابع يُستخدم كأداة بغرض فرض مسار سياسي انتقالي على اليمن كما يريد المجتمع الدولي. تكمن خطورة هذا القرار في أنه ينتهك سيادة اليمن انتهاكاً صارخاً ويتعامل معها باعتبارها دولة “قاصر” لا تستطيع معالجة مشاكلها بدون وصاية دولية تضع لها الحلول وتجبرها على تنفيذها. وأكثر من ذلك، فإن تجارب الدول التي وُضعت تحت هذا الفصل كانت مريرة؛ فقد انهار الاقتصاد العراقي بعد أن أدرج تحته، وأُثقل كاهله بدفع التعويضات، فضلاً عن احتلاله ونهب خيراته. لذا فإن قبول الساسة اليمنيين بهذا القرار أمر مستغرب جداً، لاسيما وأن الجميع يعلم بأن مجلس الأمن لن يستبيح سيادة اليمن حفاظاً على مصلحتها، وإنما لتحقيق مصالح الدول ذات النفوذ في المجلس وخدمة أجندتها السياسية. لم تعد اليمن دولة مستقلة ذات سيادة، بعد أن وُضعت رهناً للجنة العقوبات، وهذه الخطوة الأولى نحو اليمن الجديد تنبئ بأن حلم بناء اليمن القوية المستقلة، الذي امتلأت الساحات بالمعتصمين لتحقيقه، ما زال بعيد المنال.

الفدرالية:
من مخرجات الحوار الوطني؛ الاتفاق على إعلان اليمن دولة فدرالية مكونة من ست أقاليم. تقوم فكرة النظام الفدرالي على توزيع السلطات بين الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم المحلية، حيث يمنح هذا النظام الحق للأقاليم في أن تمتلك سلطاتها الخاصة بما لا يتعارض مع الدستور الفدرالي. وعادة ما تلجأ لهذا الشكل من الحكم، الدول التي ينقسم شعوبها قومياً أو ثقافياً أو عرقياً، وتبحث عن نظام سياسي يضمن وحدة البلاد من ناحية، ويحافظ على نزعة الاستقلال لدى مكونات الشعب المتنوعة من ناحية أخرى؛ لتلافي حدوث حالات انفصال. كما يمكن أن تقرر عدة دول مستقلة الانضواء تحت دولة اتحادية واحدة لتحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو عسكرية.

لا يمكن اعتبار الفدرالية عصا سحرية تحل جميع مشاكل اليمن المتراكمة منذ عقود، كما أنها ليست وصفة جاهزة يمكن استنساخها وتطبيقها على دولنا مباشرة، فلكل دولة ظروفها وسياقاتها التاريخية والثقافية وتجاربها السياسية المختلفة عن غيرها. في حالة اليمن؛ فقد تركها النظام السابق دولة ضعيفة فقيرة تنهشها الصراعات والحروب. ولتنجح الدولة الفدرالية فهي بحاجة لمؤسسات راسخة واقتصادٍ قوي ذو ميزانية تغطي نفقات أجهزة جميع الحكومات بدلاً من أجهزة حكومة واحدة، إلى جانب مركزٍ قوي يستطيع الحفاظ على وحدة البلاد وهويتها المشتركة، وحمايتها من الاعتداءات الخارجية. ولا يخفى على أحد أن أي من هذه الشروط لا يتوفر في يمن اليوم، مما يجعلنا نشك في أن فدرلتها أتت بناء على إملاءات من الوصي الأجنبي، خاصة وأن الشعب لم يُستفتى أو يُؤخذ رأيه في هكذا قرار مصيري يمس مستقبله.

لا يعني ما سبق بأن ما يجري الآن في اليمن هو نتاج مؤامرات خارجية تُحاك في الظلام، بل تتحمل النخب اليمنية المهيمنة والتي تبحث عن مصالحها ولا تخفي رغبتها في نيل أكبر قدر من كعكة البلاد؛ نصيب الأسد من المسؤولية عما وصلت إليه الأحوال. ويمكن اعتبار أسباب رفض قادة جماعة أنصار الله والحراك الجنوبي لتوزيع الأقاليم دليلاً على ذلك؛ فقد تحَفّظ الحوثيون على تقسيم المناطق التي يسيطرون عليها إلى عدة أقاليم، بالإضافة إلى حرمانهم من التمتع بمنفذٍ إلى البحر. أما الجنوبيون فقد رأوا بأن تقسيم الجنوب إلى إقليمين بدلاً من إقليم واحد يُضعف من موقفهم أمام الشمال. في حين يرى خبراء بأن شح الموارد وفقر وضعف البلاد، بالإضافة إلى تقسيمها إلى أقاليم غنية ذات كثافة سكانية منخفضة وأخرى فقيرة مع كثافة سكانية عالية، ستكون عوائق أمام نجاح تجربة النظام الفدرالي، لأنها تكرّس الفوارق والانقسامات في المجتمع، خاصة إذا تمكنت الأقاليم الأغنى من الوصول للاكتفاء الذاتي، حينها سيشكل البقاء ضمن دولة فدرالية فقيرة وضعيفة عبئاً عليها، مما يجعل الانفصال حلاً أمثل. وأكثر من ذلك فإن الفرز بين الأقاليم على أساس “الهوية المناطقية” شمال/جنوب واضح جداً في هذا النظام الجديد، الذي لا يُخفي الفصل بين الأقاليم السنية والشيعية، مما يجعلنا نتساءل عن نوايا القائمين على فدرلة اليمن، وأين هوية المواطنين المشتركة وكيف سيتم تعزيزها لحماية البلاد من التقسيم.

هذه الحالة تذكرنا بتجربة السودان مع النظام الفدرالي الذي تم تحت رعاية خارجية، وكانت النتيجة أن انفصل جنوبه. وليست تجربة الصومال مع النظام الفدرالي الذي زاد من شرذمته وتقسيمه عن اليمن ببعيد. ناهيك عن فدرالية العراق التي رعاها المحتل وجرى الاستفتاء عليها عام 2005. جميع التجارب السابقة تخبرنا بأن تدويل قضايانا، والسماح للأمم المتحدة بأن تُشرف على عمليات التحول السياسي في بلداننا، لن ينتج عنه سوى حلول تزيد من عُمق الانقسامات وتضمن استمرار التناحر والصراعات، أي أن المحصلة لا تخدم أحداً سوى المستعمر الأجنبي.

خاتمة:-
على الرغم من أن المبادرة الخليجية سهّلت عملية رحيل صالح وتشكيل حكومة انتقالية جديدة، إلا أنها تجاهلت التحديات الضخمة التي تهدد وحدة وأمن اليمن. خاصة وأنها غضّت الطرف عن جميع مظالم الماضي التي وقعت خلال 33 عاماً من الديكتاتورية، حين سمحت للحزب الحاكم بالاستمرار كلاعب رئيس في الساحة السياسية اليمنية، دون أن ينخرط في عملية إصلاح حقيقية تنحي الفاسدين والمتهمين بنهب الأموال وتأجيج الصراعات. والأمر ذاته ينطبق على بعض رموز المعارضة التي كانت في غالبها كرتونية صورية ولا تقل فساداً عن رموز النظام. إن اختيار القائمين على المرحلة الانتقالية تحديث النظام بدلاً من تغييره يحمل في طياته بذور عدم الاستقرار، وهذا لا يعني أن المطلوب القيام بعملية اجتثاث للحزب الحاكم -كما فعل الاحتلال الأمريكي مع حزب البعث في العراق- تدمر الحياة السياسية في اليمن وتُهمش شرائح واسعة من المجتمع. بل المطلوب تحقيق “العدالة الانتقالية” ومحاسبة الفاسدين والاعتراف بحقوق الضحايا وتحقيق مطالبهم، فعلى سبيل المثال، تمتلك اليمن ملفاً حافلاً فيما يخص المخفيين قسرياً منذ عقود، حتى يأس ذويهم من بقائهم على قيد الحياة، لكنهم رفضوا نسيانهم فأطلقوا حملة الجدران تذكر وجوههم. وعلاوة على ذلك لا تزال أعداد من شباب الثورة السلمية في سجون الدولة حتى الآن. ناهيك عن قضايا الفساد وسلب الأموال وملفات الحروب والاغتيالات. إن القفز على ملفات الماضي وتركها مفتوحة بدون خوض عملية مصالحة وطنية تعالج المظالم وتضمّد الجراح، وتعيد صياغة العلاقات بين أطراف النزاع لن يكون في صالح المستقبل.

لدى الحوثيون مظالمهم المشروعة التي يجب الاعتراف بها، لكن التمرد المسلح وحمل السلاح ليس الحل الأمثل للتعاطي مع هذه المظالم؛ لأن التحول إلى حزب سياسي يمارس حقوقه السياسية الكاملة، لا يمكن أن يتم مع حمل السلاح والتمرد على الدولة وإضعاف شرعيتها. كما يجب الاعتراف بالمظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية للجنوبيين، الذين تقع على عاتقهم مسؤولية بدء عملية حوار داخلي حقيقي على نوع العلاقة التي يرغبون في بناءها مع الشمال، دون أن يُغفلوا حقيقة أن تجربتهم السيئة مع الوحدة، كانت نتاج سياسات النظام السابق، وليست عيباً في الوحدة ذاتها، التي إن تمت في ظل دولة مدنية ديمقراطية فإن ذلك من شأنه أن يكفل العدالة للجميع. أما فيما يخص الحملة العسكرية بطائرات دون طيار ضد القاعدة، فإنها تمثل تعدياً سافراً على سيادة واستقلال اليمن واعتداء على مواطنيها. فقضية تنظيم القاعدة في اليمن هي قضية وطنية يمنية ولن يُسهم العنف في حلها أو التقليل من خطورتها، بل على العكس، لأن التنظيمات التي تنتهج العنف كالقاعدة وجماعة الحوثي، تستمد قوتها من أفكار ومعتقدات متأصلة في طوائف المجتمع اليمني، وإعلان الحرب عليها هو بمثابة إعلان الحرب على مكونات المجتمع. ولأن النظام السابق كان قد هيأ المناخ لنمو هذه التنظيمات، فإنه بدون تجفيف منابع الفساد والفقر والبطالة وترسيخ أسس العدالة الاجتماعية وحفظ الحقوق والحريات؛ سيبقى العنف هو الطريق الوحيد أمام من يرغب في التغيير.

وأخيراً، فإنه ليس أخطر على أمن ووحدة واستقرار اليمن من التدخل الأجنبي والوصاية الدولية، حيث أن الدعم المادي الدولي لا يُقدّم بحسن نية، بل ليخدم أجندات المانحين التي تتناقض وبلا أدنى شك مع مصلحة البلاد ومواطنيها. فتَحْت مظلة الديمقراطية وحفظ حقوق الإنسان وتقديم المساعدات الإنسانية، تتم الهيمنة على مقدرات البلاد، وإخضاعها لشروط صندوق النقد والبنك الدولي. إذ تشكل اليمن نموذجاً مهماً للتأكيد على فكرة يغفلها البعض، وهي ضرورة مزاوجة النزعة الديمقراطية مع النزعة التحررية من الهيمنة الغربية، وذلك لأن هذه الهيمنة -كما أثبتت تجربة اليمن وباقي دول الربيع العربي- تشكل عائقاً في وجه التحول الديمقراطي والتغيير الجذري للنظام. حين تسبب ذهاب بعض القوى التي قدّمت نفسها كقوى ثورية إلى مُصالحة الغرب ومن يمثلون مَصالحه عربياً، في تعطيل سير عملية التغيير، وهذا يدل على أن المواجهة مع الغرب والقوى الحليفة له والتي تربطها به مصالح مشتركة تتناقض مع مصالح المواطن العربي، علامة على فعل ثوري تحرري يمكنه أن ينقلنا إلى واقع أفضل. ومن هنا فإن مسؤولية تاريخية تقع على عاتق جيران اليمن، خاصة المملكة العربية السعودية، التي أسهمت سياساتها في ترسيخ بؤر الفساد والانقسام في اليمن، كما فاقمت من أزماتها الاقتصادية والسياسية حين شرعت في بناء الجدار العازل على طول الحدود بين البلدين الشقيقين، وطردت مئات الآلاف من العمال اليمنيين لديها، الذين كانوا يعانون من ظروف عمل قاسية وجائرة من الأساس. إن تدهور أوضاع اليمن سيكون له آثار سلبية بلا شك على جيرانها والمنطقة العربية كافة، ولا يمكن أن يستمر الساسة في غض الطرف عن هذه الحقيقة.

المصادر:-
حسين الحوثي: آلاف اليمنيين يدفنون رفات مؤسس جماعة الحوثيين، BBC Arabic، http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/06/130605_yemen_houthi_bury.shtml

Shabab al-Moumineen (Believing Youth), Global Security, http://www.globalsecurity.org/military/world/para/shabab-al-moumineen.htm

Al-Muslimi, Farea. “The Houthi Paradox”, Middle East Institute, http://www.mei.edu/content/houthi-paradox

جماعة الحوثي شرذمة إرهابية تستهدف الوحدة والجمهورية ويجب حسمها، صحيفة 26 سبتمبر، http://www.26sep.net/news_details.php?sid=23234

مقابلة أجرتها جريدة الأخبار اللبنانية مع عبد الملك الحوثي، البيضاء برس، http://www.albidapress.net/press/news.php?action=view&id=4097#.VA9G1sKSznY

Barak A. Salmoni, Bryce Loidolt, Madeleine Wells, “Regime and Periphery in Northern Yemen,The Huthi Phenomenon”, NATIONAL DEFENSE RESEARCH INSTITUTE, http://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/monographs/2010/RAND_MG962.pdf

موقع الزيدية ومرجعها الإمام الحجة المجدد للدين مجدالدين بن محمد المؤيد، http://www.azzaidiah.com/top.html

الزيدية.. إمامية بلا عصمة، الجزيرة نت،
http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/b7e10e3e-a3b6-4c7f-89a8-c3fa3dbceb05

الزيدية، صيد الفوائد،
http://www.saaid.net/feraq/mthahb/4.htm

محمد بدرالدين الحوثي، من هم الحوثيون؟ وتساؤلات أخرى، مأرب برس،
https://marebpress.net/articles.php?print=2475

اليمن يعلن ضبط سفينة إيرانية تنقل أسلحة للحوثيين، بي بي سي عربية،
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2009/10/091026_bk_yemen_houthi_iran_arms_trial.shtml

سفارة إيران بصنعاء تنفي علاقة طهران بأحداث صعدة وتأسف لاتهامها، الاشتراكي نت،
http://www.yemeress.com/aleshteraki/6745

Iran says documents prove Yemen ship had no arms, PressTV, http://edition.presstv.ir/detail/109878.html

أمريكا: لا يوجد أي دليل على دعم إيران للمتمردين الحوثيين، روسيا اليوم

http://arabic.rt.com/news/38709-%D8%A7%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7_%D9%84%D8%A7_%D9%8A%D9%88%D8%AC%D8%AF_%D8%A7%D9%8A_%D8%AF%D9%84%D9%8A%D9%84_%D8%B9%D9%84%D9%89_%D8%AF%D8%B9%D9%85_%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86_%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%8A%D9%86/

ADAM ENTOUS And MATTHEW ROSENBERG,”U.S. Says Iran Helps Crackdown in Syria”, The Wall Street Journal,  http://online.wsj.com/news/articles/SB10001424052748704547804576261222747330438?mg=reno64-wsj&url=http%3A%2F%2Fonline.wsj.com%2Farticle%2FSB10001424052748704547804576261222747330438.html

Yemen’s Houthis hold secret meet with Iran, Al Arabia News, http://www.alarabiya.net/articles/2009/12/13/94076.html

Al-Hassani, Mohammed. “THE HOUTHIS AND OUTSIDE ASSISTANCE: IS IRAN PLAYING GAMES IN YEMEN?”, Yemen Times, http://www.yementimes.com/en/1737/report/3227/The-Houthis-and-outside-assistance-Is-Iran-playing-games-in-Yemen.htm

WHO ARE THE HOUTHIS, PART TWO: HOW ARE THEY, Wikileaks, https://wikileaks.org/cable/2009/12/09SANAA2186.html

عقب اشتباكات عنيفة شنت خلالها القوات الحكومية هجوماً ناجحاً، مصرع مدير البحث وثلاثة من مرافقيه في اشتباكات بصعدة، مأرب برس،
https://marebpress.net/news_details.php?sid=434&lng=arabic

Yemen: Hundreds Unlawfully Arrested in Rebel Conflict, Human rights Watch, http://www.hrw.org/en/news/2008/10/24/yemen-hundreds-unlawfully-arrested-rebel-conflict

Deadly blast strikes Yemen mosque, BBC News, http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/7379929.stm

الحوثي ينفي مسؤوليته عن انفجار مسجد صعدة، بي بي سي عربية،
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/world_news/newsid_7379000/7379951.stm

علي عبدالله صالح: التنسيق اليمني – السعودي ممتاز أعدم صدام انتقاماً وتحول البشير مطلوباً لذا أنصح الآخرين أن يستعدوا، سعورس،
http://www.sauress.com/alhayat/2801

هلال يدعو المتضررين من حرب صعده للتعاون مع لجنة الإعمار، الوطن الإلكترونية،
http://www.alwatanye.net/56388.htm

المؤتمر نت ينشر أسمائهم: الداخلية تطلب أمرا قهريا بالقبض على 55 متمردا حوثيا، المؤتمر نت،
http://www.almotamar.net/news/72993.htm

Saudi troops killed at Yemen border, Al Jazeera, http://www.aljazeera.com/news/middleeast/2010/01/2010112144714969319.html

الحوثيون يتهمون السعودية بمساعدة الجيش اليمني، بي بي سي عربي،
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2009/11/091102_mr_yemen_saudi_tc2.shtml

الطيران السعودي يقصف الحوثيين، بي بي سي عربي،
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2009/11/091105_wb_yemen_saudi_tc2.shtml

SAUDI ARABIA: RENEWED ASSURANCES ON SATELLITE, Wikileaks, https://wikileaks.org/cable/2010/02/10RIYADH159.html

YEMENI TRIBAL LEADER: FOR SALEH, SAUDI INVOLVEMENT, Wikileaks,
https://wikileaks.org/cable/2009/12/09SANAA2279.html

SITREP ON SAUDI MILITARY OPERATIONS AGAINST THE, Wikileaks,
http://wikileaks.ch/cable/2009/12/09RIYADH1687.html

القاعدة تتبنى هجوماً على تجمع للحوثيين في صعدة، دويتشه فيله
http://www.dw.de/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D8%A8%D9%86%D9%89-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%8B-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%AC%D9%85%D8%B9-%D9%84%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%B5%D8%B9%D8%AF%D8%A9/a-17940686

آلاف السلفيين يهجرون منازلهم ومزارعهم في دماج إلى صنعاء، بي بي سي عربي،
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2014/01/140115_yemen_salafis_migration_sanaa.shtml

العنف في اليمن: اغتيال أحمد شرف الدين عضو قائمة الحوثيين في الحوار الوطني في اليمن، بي بي سي عربي،
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2014/01/140121_yemen_houthi_killed.shtml

(حاشد) تنقلب على آل الأحمر وتوقع اتفاق صلح مع الحوثيين، الشرق الأوسط،

http://classic.aawsat.com/details.asp?section=4&article=760355&issueno=12853#.VA9Uz8KSznY

الحوثيون يحكمون سيطرتهم حول صنعاء… بالنار، الأخبار،
https://www.al-akhbar.com/node/214715

WILL SALEH’S SUCCESSOR PLEASE STAND UP?, Wikileaks, https://wikileaks.org/plusd/cables/05SANAA2766_a.html

Ismail, Sharif. “UNIFICATION IN YEMEN, Dynamics of Political Integration, 1978-2000”, Faculty of Oriental Studies, University of Oxford, http://users.ox.ac.uk/~metheses/Ismail%20Thesis.pdf

Phillips, Sarah. “Evaluating Political Reform in Yemen”, Carnegie Papers, http://carnegieendowment.org/files/cp_80_phillips_yemen_final.pdf

التطور السياسي في الجمهورية اليمنية (1990-2009)، مدونة الدكتور عبدالله الفقيه، http://dralfaqih.blogspot.com/2009/03/1990-2009.html

Zimmerman, Katherine . “Yemen’s Southern Challenge: Background on the Rising Threat of Secessionism”, critical threats, http://www.criticalthreats.org/yemen/yemens-southern-challenge-background-rising-threat-secessionism

Fighting Threatens Union Of North and South Yemen, The New York Times, http://www.nytimes.com/1994/05/06/world/fighting-threatens-union-of-north-and-south-yemen.html?scp=5&sq=yemen+civil+war&st=nyt

الانتخابات اليمنية في عقد التسعينيات، سي إن إن بالعربية،
http://archive.arabic.cnn.com/2003/yemen/4/22/yemen.election/index.html

التجمع اليمني للإصلاح أنموذجاً لتقلبات الإخوان المسلمين بالمنطقة، ميديل إيست أونلاين، http://aloulaye.com/index.php?option=com_k2&view=item&id=4579:0000-00-00%2000:00:00&Itemid=87&tmpl=component&print=1

وثيقة العهد والاتفاق،
http://www.adennews.net/watheeqa.htm

Robert Hurd and Greg Noakes, “North and South Yemen: Lead-up to the Break-up”, Washington Report on Middle East Affairs, http://www.wrmea.org/1994-july-august/north-and-south-yemen-lead-up-to-the-break-up.html

 Yemen Claims Victory in Civil War After Seizing Rebel City, The New York Times, http://www.nytimes.com/1994/07/08/world/yemen-claims-victory-in-civil-war-after-seizing-rebel-city.html?scp=11&sq=yemen+civil+war&st=nyt

بعد 20 عاما من إصدارها .. حكومة صنعاء تعيد قائمة الــ16 من قيادات الجنوب المحكوم عليهم بالإعدام للواجهة، يافع نيوز،
http://www.yafa-news.net/archives/97041

BREAKING POINT? YEMEN’S SOUTHERN QUESTION, International Crisis Group, http://www.crisisgroup.org/~/media/Files/Middle%20East%20North%20Africa/Iran%20Gulf/Yemen/114%20Breaking%20Point%20–%20Yemens%20Southern%20Question.pdf

إيقاف سبع صحف يمنية وتوقيف متضامنين معها، الجزيرة نت،
http://www.aljazeera.net/news/arabic/2009/5/6/%D8%A5%D9%8A%D9%82%D8%A7%D9%81-%D8%B3%D8%A8%D8%B9-%D8%B5%D8%AD%D9%81-%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%8A%D9%81-%D9%85%D8%AA%D8%B6%D8%A7%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%B9%D9%87%D8%A7

سلطات عدن تعتقل رئيس مجلس جمعية المتقاعدين العسكريين، الصحوة نت،
http://alsahwa-yemen.net/view_news.asp?sub_no=1_2007_07_07_57286

In the Name of Unity: The Yemeni Government’s Brutal Response to Southern Movement Protests, Human Rights Watch, http://www.hrw.org/sites/default/files/reports/southyemen1209webwcover.pdf

الحراك الجنوبي يحشد أنصاره في ذكرى 14 أكتوبر، الأخبار،
https://www.al-akhbar.com/node/169445

Jeremy M. Sharp, Yemen: Background and U.S. Relations, Congressional Research Service, http://fas.org/sgp/crs/mideast/RL34170.pdf

Gunmen ambush and kill four soldiers in south Yemen, Reuters, http://www.reuters.com/article/2009/07/28/idUSLS727844

الحراك الجنوبي في اليمن، الجزيرة نت،
http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2011/3/3/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86

WHO’S THE BOSS IN ABYAN? SOUTHERN MOVEMENT, AQAP, ROYG DUKE IT OUT IN A LAWLESS LAND, Wikileaks, http://www.wikileaks.org/plusd/cables/09SANAA1983_a.html

تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الجزيرة نت،
http://www.aljazeera.net/news/arabic/2010/11/8/%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8

أخطر قيادات «القاعدة» بين الفارين من سجن صنعاء المركزي، الشرق الأوسط،
http://www.aawsat.com/home/article/38171

سعيد الشهري، الجزيرة نت، http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2013/7/17/%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A

ملخص لقاء القائد السابق محمد العوفي في برنامج همومنا، يوتيوب
http://www.youtube.com/watch?v=6VsNIeKV14I

Al-Qaeda’s Yemen affiliate widens search for recruits and targets, The Washington Post, http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2010/11/29/AR2010112905459_3.html?sid=ST2010112905490

من هنا نبدأ.. وفي الأقصى نلتقي، الفيديو الإسلامي، يوتيوب

http://www.youtube.com/watch?v=CwM6dEZsISY

Murad Batal al-Shishani, Profile: Yemen’s Ansar al-Sharia, BBC News, http://www.bbc.co.uk/news/world-middle-east-17402856

تقدير موقف: القاعدة باليمن: عودة للكر والفر، مركز الجزيرة للدراسات،
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Documents/2012/7/17/201271783324709621alqaeda%20in%20yemen.pdf

MARGARET COKER, Assassination Attempt Targets Saudi Prince, The Wall Street Journal, http://online.wsj.com/news/articles/SB125144774691366169?mg=reno64-wsj&url=http%3A%2F%2Fonline.wsj.com%2Farticle%2FSB125144774691366169.html

محكمة أمريكية تأمر بالكشف عن وثيقة سرية لقتل العولقي باليمن، سي إن إن بالعربية،
http://arabic.cnn.com/world/2014/06/24/awlaki-killing-memo

العولقي: أؤيد محاولة تفجير ديترويت، الجزيرة نت،
http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2010/2/2/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%82%D9%8A-%D8%A3%D8%A4%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D9%81%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%AF%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%AA

القاعدة تتبنى الهجوم على السفير البريطاني في اليمن، الشرق الأوسط، http://classic.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=11489&article=569362&feature=#.VA9i78KSznZ

أدانتهم بقتل مجاهدي جزيرة العرب، اليمن: القاعدة تعلن إعدام 4 جواسيس، 24، http://www.24.ae/Article.aspx?ArticleId=82828

US increases military footprint on Yemen soil, PressTV, http://www.presstv.ir/detail/2014/04/24/359895/us-ups-footprint-on-yemen-soil/

CIA operating drone base in Saudi Arabia, US media reveal, BBC News, http://www.bbc.co.uk/news/world-middle-east-21350437

U.S. ASSISTANCE TO YEMEN: Actions Needed to Improve Oversight of Emergency Food Aid and Assess Security Assistance, U.S. GAO, http://www.gao.gov/products/GAO-13-310

Drones Are Focus as C.I.A. Nominee Goes Before Senators, The New York Times, http://www.nytimes.com/2013/02/08/us/politics/senate-panel-will-question-brennan-on-targeted-killings.html?_r=2&adxnnl=1&pagewanted=all&adxnnlx=1410294566-+/HdDWO3RvKfDuQIdWYz5w

GENERAL PETRAEUS’ MEETING WITH SALEH ON SECURITY, Wikileaks, https://wikileaks.org/cable/2010/01/10SANAA4.html

Drone Wars Yemen: Analysis, International security, http://securitydata.newamerica.net/drones/yemen/analysis

Drone strikes in Yemen, The Bureau of Investigative Journalism, http://www.thebureauinvestigates.com/category/projects/drones/drones-yemen/

مقتل 4 من عناصر القاعدة باليمن بغارة أمريكية، بي بي سي عربي،
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/01/130121_yemen_drone_attack.shtml

“Between a Drone and Al-Qaeda” , The Civilian Cost of US Targeted Killings in Yemen, Human Rights Watch, http://www.hrw.org/sites/default/files/reports/yemen1013_ForUpload.pdf

Yemen’s Leader Praises U.S. Drone Strikes, The New York Times, http://www.nytimes.com/2012/09/29/world/middleeast/yemens-leader-president-hadi-praises-us-drone-strikes.html?_r=4&

Rogers , Kesha . “Four U.S. citizens killed in Obama drone strikes, but 3 were not intended targets”, politifact, http://www.politifact.com/texas/statements/2014/mar/19/kesha-rogers/four-us-citizens-killed-obama-drone-strikes-3-were/

Yemeni president acknowledges approving U.S. drone strikes, The Washington Post, http://www.washingtonpost.com/world/national-security/yemeni-president-acknowledges-approving-us-drone-strikes/2012/09/29/09bec2ae-0a56-11e2-afff-d6c7f20a83bf_story.html

إشهار أول منظمة لضحايا الطائرات الأمريكية بدون طيار في اليمن، نشوان نيوز،
http://nashwannews.com/news.php?action=view&id=31423

اليمن: البرلمان غاضب من تجاهل الحكومة قراره بمنع الطائرات بدون طيار ونائب يعتبرها سبباً في توسع القاعدة، المصدر أون لاين،
http://hunasotak.com/article/6771

Yemen president Saleh fights to keep grip on power, Reuters, http://www.reuters.com/article/2011/06/03/us-yemen-saleh-idUSTRE7526BY20110603

حرق الخيام والاعتداء على المعتصمين بساحة الحرية تعز، عين اليمن، يوتيوب،
http://www.youtube.com/watch?v=ApQAtM1cgO4

قتلى في اشتباكات عنيفة بين القوات اليمنية ومناصري الأحمر، الأخبار،
https://www.al-akhbar.com/node/13221

قتلى بقصف لليوم الثالث في صنعاء، الجزيرة نت،
http://www.aljazeera.net/news/arabic/2011/9/20/%D9%82%D8%AA%D9%84%D9%89-%D8%A8%D9%82%D8%B5%D9%81-%D9%84%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB-%D9%81%D9%8A-%D8%B5%D9%86%D8%B9%D8%A7%D8%A1

نص المبادرة الخليجية، الرياض،
http://www.alriyadh.com/685755

الفصل السابع: فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، ميثاق الأمم المتحدة،
http://www.un.org/ar/documents/charter/chapter7.shtml

HAMMOND, ANDREW. “Yemenis paint disappeared activists on Sanaa streets”, Reuters, http://www.reuters.com/article/2012/09/25/us-yemen-disappeared-idUSBRE88O0YG20120925

Twitter Digg Delicious Stumbleupon Technorati Facebook Email

لا توجد تعليقات... دع تعليقك

دع ردأً

يجب أن تكون مسجل دخول لإضافة تعليق