ندوة السلفية منهج شرعي ومطلب وطني

الكاتب:

15 يناير, 2012 لاتوجد تعليقات

واجهت النخب السعودية مناوشات فكرية حول مفهوم السلفية و تطبيقاتها في الأيام القليلة الفائتة كان ذلك على خلفية إقامة ندوة ” السلفية .. منهج شرعي و مطلب وطني “

حيث أقيمت هذه الندوة يوم الثلاثاء الموافق 12/27 /2011مـ في جامعة الإمام محمد بن سعود. تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء.

وكان من أهداف الندوة -حسب ما ذكر د. أبا الخيل مدير جامعة الإمام- توضيح حقيقة المنهج السلفي، وتخليص مفهوم السلفية الصحيح من المفاهيم الخاطئة، وبيان حقيقة نظام الحكم في المملكة، كما تهدف إلى تصحيح المفهوم الخاطئ للوطنية والانتماء عند البعض، وتعزيز الانتماء للوطن .

ومن أبرز الآراء التي تناولت الندوة ما كتبه الأستاذ زياد الدريس في مقالة تحمل عنوان ” السلفية، هل هذا وقتها؟” حيث جاء فيها ما نصه:

” السعودية الدولة الإسلامية الكبيرة ذات المرجعية الدينية النافذة بوجود مهبط الوحي والحرمين الشريفين في أراضيها، هذه الدولة الكبيرة تتصاغر حين تستجيب وتنغمس في تشظيات «الحزبية». “الحزبية تجعل الصغار كبارا، لكنها في المقابل تجعل الكبار صغارا!”

كما أضاف: “الندوة التي عقدت أخيرا في مدينة الرياض بعنوان: “السلفية، منهج شرعي ومطلب وطني” والصحيح أنها «مطبّ وطني» جعل الوطن أصغر بكثير مما هو  في حقيقته”.

تركز مقالة أ. زياد حول نبذ التحزب الإقصائي والاجتماع حول دائرة أكبر مثلها في الإسلام  أو السنية.

و لاقى رأي أ. زياد كثيرُ من التأييد؛ حيث كتب جمال خاشقجي في تويتر: “ما من مقالة تمنيت لو كتبتها مثل هذه المقالة، أقبل رأس زياد الدريس فما أحوجنا لكلمة الحق”.

وقال الشيخ عادل الكلباني: “مقال زياد الدريس رائع جدا، ولهذا كان ألم الصدق فيه شديدًا فأنتج الصراخ العالي”.

في الجهة المقابلة رد الشيخ سعد الحصين على تلك المقالة بمقال جاء فيه كثير من التهم للصحفيين بشكل عام والأستاذ زياد الدريس بشكل خاص، حيث ذكر أن أضل وسائل الإعلام هي الصحافة، وقال بأن إضاعة المال في “التدخين” أخف ضررا على الفرد والجماعة من شراء ورق الصحف الذي يحمل الفكر الضال الجاهل حسب تعبيره!، كما أضاف “…و تبعها سادس الصحفيين، ولا أقول كلبهم، فهم من فئة ضالة واحدة، والكلب يُظلم إذا قرن بهم كما قال الله تعالى: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: 179]، فليس الكلب من دعاة الضلال، وهو مهتد بهداية الفطرة، ولا يَعَضُّ اليدَ التي أطعمته وآوته وعلمته وأغنته وأمَّنته؛ قارِنه بالصحفي الذي يشاقُّ سيده وولي أمره”. في إشارة إلى زياد الدريس.

كما ذكر في حق حزب الإخوان المسلمين أنه حزب شيطاني أحدث فتنا دينية ودنيوية!

في حين ذكر الدريس ردا مختزلا على مقال الحصين في عبارة قصيرة كتبها  في تويتر مفادها: “الذين يطالبونني بكتابة مقال ثانٍ توضيحي آمل منهم اعتبار رد سعد الحصين هو مقالي الثاني بعبارة تقديمية مني هي: هذا ما عنيته في مقالي”
فيوضح من خلال عبارته تلك أن ردة فعل الشيخ الحصين إنما هي ما ذكره الدريس في مقاله من حيث الإقصائية.

و قد تفاجأ مستخدمو تويتر من رد الشيخ الحصين  حيث قال الدكتور مصطفى الحسن: “رد سعد الحصين على زياد الدريس مفجع جدا !”. وقال سعد ناصر الغنام “رد الحصين لا يمثل المتدينين فلا ننزلق في التعميم”.

عبدالرحمن بن محمد الأنصاري كتب في صحيفة البلاد  بتاريخ 09-01-2012  مقالا بعنوان ” زياد الدّريس، ما الذي أزعجك من “السلفية “؟!”

أعرب فيه عن أن ما كتبه زياد إنما كان من تأثير “اليونسكو” عليه ، فزياد مُمثل المملكة العربية السعودية في اليونسكو، ثم تابع أن لليونسكو مخططات وأهدافًا ترمي إلى تقويض ثوابت الدين وتشويه الثقافة.

و لم تقتصر الردود على مقال ” السلفية هل هذا وقتها ؟” عند هذا الحد بل جاء أيضا رد أ. علي النهدي المنشور في مجموعة عبدالعزيز قاسم قال فيه: “الأستاذ أراد الهروب من الورطة برمي ما احتمل من بطلان على ظهر ما يسمى بالجامية أو السلفية الحزبية، فوقع في شر أعماله بأن سقط في برزخ بين باطلين والله المستعان، علمًا بأن الأستاذ وكل من فرح بهذا المقال وتمنى أن يكون هو من كتبه لو صدقوا لصدعوا بالحق وأنه لا فرق بين السلفية الوهابية وبين السلفية الجامية وبين السلفية التقليدية وبين السلفية العلمية بحسب التقسيم المحدث الباطل، وإنما هم ناقمون على السلفية أصولا لا أفرادًا، وهو الذي قصده وعناه زياد الدريس بمقاله الورطة، وفهمه المعجبون على هذا النحو دون مواربة، ولكن الباطل لجلج وأصحابه في ذلة وصغار ولو هملجت بأقوالهم مواقع إفساد المجتمعات أقصد التواصل الاجتماعي” !

وتأخذ الردود على الطرفين بالتزايد إلا أن الأستاذ زياد اكتفى بما طرحه أولا في مقاله ولم يحبذ النقاش أكثر ، وبقيت عديد من التهم تلاحقه في أكثر الردود ابتداء بمَنْ وصفه بالجهالة والضلال إلى من اتهمه بالتأثر باليونسكو وأخيرا تلك التهم في مقال النهدي حيث قال: “من الواجب عليهم ترك شهواتهم الفكرية جانبًا، والحذر من سكرة الفكر، وتمنية الشيطان الرجيم (َيعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا) وهي عادة الشيطان مع الإنسان” في إشارة إلى الدريس.

ونشر عدد من الكتاب مقالات تحدثوا فيها عن السلفية ذاتها بعيدا عن المناوشات الفكرية التي أحدثها مقال الدريس  فقد كتب  الكاتب حمزة المزيني في جريدة الشرق بتاريخ ١٢-٠١-٢٠١٢ مقالا يحمل عنوان “مذهبة السلفية ” ذكر فيه أن السلفية الحالية تحمل سمتين إحداهما تقديس العلماء ورفعهم إلى مرتبة قريبة من مرتبة المراجع، واستنكار الحوار معهم؛ ادعاءً بأن القصد منه نزع مهابتهم والحط من منزلتهم بين الناس، أما السمة الأخرى فهي التقليد أي  مناهضة الجديد بأنواعه كلها. وأضاف أن من الغموض وصف «السلفية» بأنها «مطلب وطني» فهل يعني هذا أن مواطني المملكة العربية السعودية «جميعهم» يطالبون بها؟! أم المقصود أن بقاء الدولة السعودية مرهون بالالتزام بهذا المنهج؟ ويبدو أن المعنى الأخير هو المقصود.

أما الكاتب سعيد الوهابي فقد أوضح من خلال مقاله المنشور في صحيفة الشرق أيضا بتاريخ ١١-٠١-٢٠١٢ مذهب السلف في متابعة الفساد والفساد المالي تحديدًا، أورد عدة أمثلة من زمن السلف الصالح تركز على مراقبة المال العام وحفظه ثم تساءل في آخر مقاله “هل نصبح كالسلف؟ “

هذا وتبقى الساحة الثقافية السعودية أقرب إلى الهجوم وتقاذف التهم منه إلى احترام الرأي والرأي الآخر وتقبل الطرفين بعضهما، فالمتأمل لها مؤخرا يجد أن سَوْق التهم أصبح أكثر من طرح الرأي المناقض ذاته، هذه الحالة غير الصحية للنخب المثقفة لن تنتج إلا مزيدا  من التصارع والتشنج بدلا من العمل المؤدي إلى رأي متفق عليه أو رأي وآخر يتسمان بالموضوعية.

خاص بموقع “المقال”

Twitter Digg Delicious Stumbleupon Technorati Facebook Email

لا توجد تعليقات... دع تعليقك

دع ردأً

يجب أن تكون مسجل دخول لإضافة تعليق