سلفي سياسي وشيعي حداثي: تعقيب على مقالة الأستاذ مهنا الحبيل

الكاتب:

23 أبريل, 2012 لاتوجد تعليقات

أود ابتداء تقديم الشكر للأستاذ مهنا الحبيل على مقالته “ملتقى النهضة وأسئلة التصحيح” المنشورة بجريدة الحياة. مثل هذه النقاشات ضرورية لكشف تفاصيل المجتمع السعودي والقوى الفاعلة فيه ومساراتها.

لست ضليعا في النقد. لكن لفت نظري أن المقال الذي كان – كما يبدو من العنوان والمقدمة – مخصصا للحديث عن ملتقى النهضة، ترك هذه المهمة وكرّس أكثر من نصف مساحته لنقد ما وصفه الكاتب بتيار الحداثيين الشيعة. كنت أمنى لو أن الكاتب خصص المقال لهذا الموضوع ولم يحشر الملتقى فيه. وعرض أمثلة على التقييمات والأوصاف التي ذكرها كي يفيد القراء، وكي يكون الموضوع فاتحة نقاش وليس سلة أحكام مسبقة. تبعا لميل الأستاذ مهنا، سوف أخصص معظم هذا المقال لمناقشة ما أورده في ذلك الجانب.

سوف أناقش هنا ثلاث نقاط ذكرها الأستاذ مهنا، تتعلق أولاها بمعارضة السلفيين التقليديين للملتقى، وتتعلق الثانية بالمشاركة الشيعية، والثالثة بمساهمة الشيعة المشاركين في مسيرة الإصلاح.

أولا: حول المعارضة السلفية للملتقى:

أفترض أن الأستاذ الحبيل مدرك لحقيقة أن المعارضة السلفية لملتقى النهضة تصدر عن منطلق سياسي، وتنطوي في حقيقة الأمر على “تصفية حسابات مستبطنة بوضوح، وسلسلة النسج التلفيقي التي لا تتحرى الصدق، بل تصنع الحدث والفكرة كذباً لتكوّن قضية”، أي أنها ليست مسألة دينية بحتة. إلا أنه يعود ليضعها في إطار النقاش الأخلاقي المثالي. الشيخ ناصر العمر وشيوخ الجامية لم يعارضوا الملتقى لأنه مخالف للدين بل لأنه ينطوي – بشكل غير مباشر – على تجاوز لدوائر النفوذ الاجتماعي والسياسي، ونقد لمتبنيات واستهدافات هذه الدوائر ومن يتزعمها ويستفيد منها.

أفترض أن الأستاذ مهنا عارف بما تشهده الساحة الدينية السعودية من إعادة اصطفاف داخل تيار الصحوة ورموزها، بين فريق يتبنى مطالب المجتمع وما وصفه الكاتب بـ “تقرير الفقه الدستوري الإسلامي وضمان الحقوق المدنية ونقد الخلل والتشدد والخرافة”، وفريق يدعو لحماية التقاليد المتوارثة السياسية والثقافية والدينية، ويرفض مشروعات الإصلاح السياسي التي عبرت عنها بيانات مثل “رؤية لحاضر الوطن ومستقبله” و “برنامج وطني للإصلاح” و “نحو دولة الحقوق والمؤسسات”.

من الواضح لكل الناس أن التيار الديني السعودي منقسم اليوم بين هذين الاتجاهين. وأن هذا الانقسام يولد – بالضرورة – تنافسا حول المواقع والمفاهيم ومسارات الخطاب العام والشرائح الاجتماعية التي هي موضوع النفوذ ومصدره. أي باحث في علم الاجتماع أو السياسة يدرك هذه الحقيقة التي لا تصفها الصحف بصراحة، لكنها أجلى من كل بيان.

السلفيون عارضوا الملتقى لأنه خروج على النسق السائد، ولأنه يؤدي – بالضرورة – إلى مساءلة التيار المعارض للإصلاح أو المتردد فيه. مساءلة مبرراته ومشروعية موقفه ودائرة نفوذه. نفهم هذا من موقف الشيخ ناصر العمر وأتباعه تجاه الشيخ يوسف الأحمد فرج الله عنه. الشيخ يوسف لم يشرك شيعة ولا ابتعد عما وصفه الكاتب بالمرجعية الدينية التي ينتمي إليها العمر، بل كرس نفسه وحياته للدفاع عن سجناء دون محاكمة، بينهم رجال دين وناشطون في التيار الديني. ومع ذلك فإن الشيخ ناصر تجاهل اعتقال الشيخ وبرر محاكمته وما صدر عليه من أحكام. وقبل ذلك – في منتصف 2011– صدر توجيه بعدم مناصرة الشيخ يوسف أو دعمه، لأنه تجاوز المكان المرسوم له. هذا وذاك فعل سياسي في منطلقاته ومساراته وغاياته ونتائجه، وهو يعبر عن إعادة اصطفاف في الساحة الدينية المحلية، اصطفاف سياسي بين فريق يتبنى الإصلاح وآخر يدافع عن التقاليد والقيم الموروثة ونظام العلاقات القائم.

ثانيا : حول المشاركة الشيعية:

ما فهمته من المقال هو أن “مشاركة أشخاص ينتمون لتيار حداثي شيعي” هي المشكلة الرئيسة. ولو لم تحدث لربما عقد الملتقى بسلام، وحقق غاياته. لم أفهم حقيقة جوهر هذه المشكلة؟ لكن سوف أحاول تفكيك هذا القول المجمل تفكيكا منطقيا لفهم جوهر المشكلة، من خلال ستة احتمالات، ربما يكون أحدها أو بعضها هو جوهر المشكلة التي أدت الى إفشال الملتقى، أو كانت عيبا فيه – طبقا لتحليل الأستاذ مهنا-:

أ‌-   أن الملتقى نشاط ديني “سني” بالمعنى الخاص “المذهبي أو الطائفي”، فيجب أن يلتزم بالإطار الثقافي والاجتماعي للطائفة. بهذا المعنى فإن مشاركة “الشيعي” هي جوهر المشكلة.

ب‌- الملتقى ليس نشاطا دينيا بالمعنى الخاص. حتى لو كان منظموه مصنفين ضمن التيار الديني. من هنا فمشاركة تيار “ديني” يلقي على الملتقى ثوبا غير ثوبه. جوهر المشكلة إذن هي مشاركة أشخاص ينتمون لتيار ديني. بمعنى أنه لو شارك شيعة لا ينتمون لتيار ديني ما كان ثمة مشكلة.

ت‌-   المشكلة أن الشيعة المشاركين “ينتمون لتيار” وليسوا مجرد أفراد. بمعنى لو لم يكونوا منتمين لتيار ما كان ثمة مشكلة.

ث‌- المشكلة هي أن الأشخاص الذين شاركوا في الملتقى ينتمون لتيار يمارس عنفا فكريا نقديا ونقضيا للتوجهات الإسلامية السنية. جوهر المشكلة إذن هي في عنف هؤلاء الفكري المضاد والناقض لما وصفه الكاتب بالتوجهات الإسلامية السنية.

ج‌-  المشكلة ليست في مشاركة الشيعة بشكل عام ولا في كونهم تيارا. بل في كون المشاركين متدينين حداثيين. بمعنى أنهم لو كانوا ينتمون لتيار ديني تقليدي ما كان ثمة مشكلة.

ح‌-  مشاركة الشيعة ليست مشكلة أصلا. أي أن هذه المسالة لا علاقة لها بالموضوع. المشكلة هي أن الشيعة أنفسهم متخلفون عن ركب التجديد ونقد الاستبداد الديني ومراجعة التراث وتجديد المنظورات، لاسيما تلك المرتبطة بعلاقتهم بالسنة ونظرتهم للتاريخ ورجاله. بمعنى أن الكلام حول مشاركة الشيعة كان مجرد تمهيد لدعوة الشيعة إلى إصلاح حالهم وليس جزءًا من جوهر الموضوع.

أعرض هذه الاحتمالات لأني لم أفهم جوهر المشكلة التي كرس لها الأستاذ مهنا أكثر من نصف مقاله. وآمل مخلصا أن يكتب مقالا أو مقالات أخرى لتبيين ما أجمله.

لكني أجد – من حيث المبدأ ومن دون مناقشة للاحتمالات السابقة – أن مفهوم “النهضة” ينطوي بالضرورة على مبدأ الإقرار بالحق في الاختلاف والاشتراك مع المختلفين. هذا المبدأ الذي عبر عنه المرحوم البنا في قوله المشهور “نتعاون فيما اتفقنا عليه ونتعاذر فيما اختلفنا فيه”. وهو من أبرز موارد احتجاج السلفيين والسروريين على الإخوان ومن تأثر بمدرستهم، وأنا وشباب النهضة ممن تأثروا في هذا المنهج. يؤكد السلفيون تقديم قاعدة “الولاء والبراء” التي طورها التيار المعروف بسلفية المدينة (أو الجامية) إلى نظرية يطلقون عليها في الجملة اسم “التصنيف” ويدافعون عنها بكل قوة. وهذا أمر معروف لكل متابع لتحولات التيار الديني في المملكة.

الإقرار بحق الاختلاف يعني على وجه التحديد التعامل مع المختلف والمخالف كما هو، ودون اشتراط التخلي عن صفاته السابقة أو متبنياته. وهذا هو الذي دعا القائمين على المنتدى لدعوة متحدثين من مشارب مختلفة، إسلاميين وغير إسلاميين.

ثالثا: حول من وصفهم الكاتب بالتيار الحداثي الشيعي:

أشرت في البداية إلى أن الأستاذ الحبيل  خصص أكثر من نصف المقال لشرح حال “الحداثيين الشيعة”. فكأن ذهن الأستاذ مهموم بهم أكثر من انشغاله بالملتقى ومن عارضه. خلاصة الشرح الذي قدمه الكاتب يتلخص في أن هذا التيار سيء، غير مفيد وينطوي على عيوب أخلاقية. سوف أنقل النصوص التي وردت في مقال الأستاذ مهنا لتوضيح مدى انشغاله بالموضوع.

يتصف التيار المذكور – طبقا للأستاذ الحبيل – بأنه:

1-      يمارس عنفا فكريا نقديا ونقضيا “للتوجهات الإسلامية السنية”.

2-      ليس له أي مشاركة مهمة ذات بعد منهجي في دعم مدرسة الاعتدال الشيعي ضد التطرف الطائفي.

3-      ليس له أي مشاركة في نقد قضايا الخرافة التي تمكنت من العودة من التراث إلى حديث الوعاظ المعاصر في بعض المنابر الشيعية.

4-   وليس لهذا التيار موقف أخلاقي أو فكري من الضحايا، سواءً كان طفلا أو شابا أو رجلا من احتكاره الشامل لعمره الزمني في منظومة التثقيف الطائفي والاحتقان في سلسلة المآتم.

5-      ليس لهذا التيار موقف من قضايا المرأة في التقاضي الجعفري وما وراء هذا الحجاب من صيحات ضحايا الاستبداد الديني لهذا الواعظ أو ذاك.

6-   ليس للتيار موقف مساند صريح من دعوات المثقفين الشيعة للخلاص من التراث السلبي، وعودة تصديره للواقع المجتمعي المشترك، وارتهان الإنسان الشيعي البسيط الذي يبحث عن هداة الزمن لمشاركة مدنية إنسانية مع رفيقه السني.

7-   ليس لتيار الشيعة الحداثيين دور في دعم فكرة إعادة الاستهداء بمدرسة آل البيت الأولى في قضية الخُمس التي لا تُمنح للفقراء والمساكين من أبناء الطائفة، ولا ذوي الاحتياجات الخاصة، أو المرأة المضطهدة، ولا تدعم تكتلات الفقراء.

لا يخفى على القارئ المنصف ما تنطوي عليه النصوص السابقة من كلام إنشائي يحتمل معاني قابلة للتضخيم. لكني سأتجاوز هذه النقطة، وأطالب الأستاذ الحبيل بإيراد بعض الأمثلة التي تصلح دليلا علميا معقولا على كل نقطة من النقاط السابقة. وأحتمل أنه لم يورد ما أورده إلا بعد تأمل وبحث أوصله إلى هذه الاستنتاجات القاطعة. أما إذا لم يورد أمثلة قابلة للإثبات فسيقول القراء أن كلامه كان انفعاليا وعاطفيا وغير لائق.

مرة أخرى أتمنى أن يطور الأستاذ هذه الملاحظات وأن يفصل فيها كي يفتح بابا للنقاش يفيدنا جميعا.

لكن أود قبلا عرض الملاحظات التالية:

أ) وصف الأستاذ الحبيل هذا التيار بأنه حداثي. ونفهم أن الحداثي – بالتعريف – ناقد ومعارض للتقاليد والموروث. ومن بينها ما ذكره الكاتب في النقاط 3،4، 5، 6،7 الورادة أعلاه. ترى كيف يكون الفرد أو التيار حداثيا وهو مستسلم أو ساكت عن مثل هذه الأمور؟ كيف صنفه الكاتب بوصفه حداثيا، مع أن الحق أن يصنف – طبقا للأوصاف المذكورة – بوصفه تقليديا ورجعيا ومعاديا للحداثة؟

ب) قال الأستاذ مهنا إن هذا التيار يمارس عنفا نقديا ونقضيا للتوجهات السنية. وفي أول المقال كان قد وصف اعتراضات السلفيين على ملتقى النهضة بأنه “خطاب النقض والطعن الكريه… أنّه خطاب تحريضي غير مشروع”. فهل خطاب النقض السلفي للتوجهات النهضوية (السنية مثل ملتقى النهضة – كما يظهر من تصنيف الأستاذ مهنا) هو من جنس خطاب النقض الشيعي الحداثي للتوجهات السنية، وهل أن خطاب النقض السني للتوجهات الشيعية يحمل نفس القيمة أم أن اختلاف مذهب الناقضين يفرض اختلافا في قيمة كل منهما؟

ت) ذكر الأستاذ أن “المدرسة الإسلامية السنية أنجزت مسارًا في تقرير الفقه الدستوري الإسلامي وضمان الحقوق المدنية ونقد الخلل والتشدد والخرافة” بخلاف التيار الذي أنتمي إليه، والذي لم يقدم شيئا من هذا النوع.

أقول: إذا كنا نتحدث في المجال السعودي على وجه الخصوص، فإن ما قدم حتى الآن قيّم لكنه ليس كثيرا ولا وافيا. لكن فيما يخصني، وأنا أتحدث في المجال السعودي، فإن مشروعي الفكري الذي صرفت فيه حتى الآن جل حياتي الفكرية هو بالتحديد “تطوير نظرية حول ديمقراطية منسجمة مع القيم الإسلامية” تتجاوز التصنيف المذهبي. وكرست لهذا الموضوع جميع كتبي الأخيرة وأذكر منها “ضد الاستبداد” وهو دراسة في رسالة فقهية حول الدستور، وكتاب “نظرية السلطة في الفقه الشيعي” وهو نقد لنظرية ولاية الفقيه انطلاقا من أن الشعب هو مصدر السلطة، وكتاب “الديمقراطية في بلد مسلم” وهو معالجة فلسفية للعلاقة بين الدين والديمقراطية، وكتاب “حدود الديمقراطية الدينية” وهو دراسة حالة عن إمكانية الديمقراطية من دون علمانية، نقدا لنظرية التحديث الكلاسيكية التي تفترض أن العلمانية شرط للديمقراطية. وأخيرا كتاب “رجل السياسة : دليل في الحكم الرشيد” الذي يناقش الأركان الكبرى للدولة المدنية الديمقراطية. وقدمت فيه معالجة هي الأولى من نوعها – كما أظن – لمبدأ العقد الاجتماعي وإمكانية إقامته على أساس ديني.

إضافة إلى ذلك كتبت خلال العقدين الماضيين ما يزيد عن مئة مقالة، جميعها منشورة، حول القضايا والإشكالات الأساسية المتعلقة بالدولة المدنية والدستورية، وكثير من هذه المقالات موجود على مدونتي الشخصية. أود أن يطلعني الأستاذ الحبيل على أي كاتب سعودي قدم هذا القدر من المساهمات فيما يخص هذا الموضوع. كما أتمنى أن يصرف الأستاذ مهنا بعض وقته الثمين للاطلاع على كتاباتي المذكورة وموافاتي بأوجه القصور فيها. وسأكون شاكرا لفضله.

أما إذا كنا نتحدث في إطار أوسع من الإطار السعودي، فإن التيار الإصلاحي الوطني الذي أنتمي إليه متفاعل ومتكامل مع جميع النشاطات الإسلامية، سنية وشيعية، ومساهم في تطوير مساراتها الفكرية ومستفيد من تلك المساهمات والمسارات. ورجال التيار لهم علاقة شخصية وفكرية بمعظم التيارات الإسلامية الفاعلة، من العدالة والتنمية في المغرب إلى مجتمع السلم في الجزائر والنهضة التونسية والإخوان المصريين، والمؤتمر الشعبي – الذي يتزعمه د. الترابي في السودان إلى الدعوة العراقية والحركة الإصلاحية في إيران وغيرها. إضافة إلى ذلك فإن مفكري هذا التيار ورجاله يشاركون بفاعلية في النشاطات الفكرية التي تقوم بها المجموعات غير الإسلامية، سواء كانت سياسية أو مراكز أبحاث، في العالم العربي وخارجه. وهم بالطبع يتأثرون في هذه الملتقيات ويؤثرون فيها ويتفاعلون مع رجالها.

خلاصة القول أن هذا التيار لا يرى نفسه مستقلا عن الحراك الفكري الجاري في العالم، سواء في جانبه الفلسفي أو السياسي أو الديني. هذا التيار ليس حزبا يملك إيديولوجيا خاصة، وهو لا يدعو الناشطين فيه إلى تصنيف المصادر التي يتفاعلون معها ويأخذون منها. إنه تيار مفتوح يرى نفسه جزءا من السياق التنويري والتنموي العام، وهو يحترم جميع المساهمين في هذا المسار بغض النظر عن مواطنهم وانتماءاتهم.

ث) فيما يخص الوحدة الوطنية والدعوة للتعايش والتقارب والسلم الأهلي بين الأطياف التي يتشكل منها المجتمع السعودي الكبير، وهي نقطة أغفلها الأستاذ الحبيل، فإن التيار الذي أنتمي إليه هو أول من قدم مبادرات جدية في هذا المجال. وما يزال إلى يومنا هذا أنشط الجهات السعودية في هذه الدعوة. وقدم – إضافة إلى المبادرات العملية – تنظيرات موسعة حول قضايا التقارب والتعايش والمواطنة. وتشكل قضايا السلم الأهلي وحقوق الإنسان والإصلاح السياسي أهم انشغالات هذا التيار، ولعلها أبرز ما يميزه على المستوى الوطني.

 أذكر هذا ردا على ما ورد في مقال الأستاذ الحبيل بشأن العلاقة المفترضة بين الشيعة والسنة، حيث قرر ضمنا أن أي لقاء يشارك فيه سنة وشيعة، فينبغي أن يكون هدفه هو التقريب بين المذاهب. وهو يضرب مثالا بندوة التنوع المذهبي في الخليج التي عقدت في الدوحة “ومن خلال هذا النسق تعقد هذه الندوات التي تجمع أطيافا عدة”. أما اللقاءات حول النهضة والحرية والمجتمع المدني فيجب أن تقتصر – حسب ما يظهر من رأي الأستاذ مهنا- على المتفقين في العقيدة والأفكار “مسار الملتقى يَعْبُر لتحقيق أسئلة النهضة داخل الفكرة الإسلامية المؤمن جمهورها بأن الرسالة الخاتمة؛ هي المرجعية الدستورية والتنظيرية”.

أقول مع إيماني بضرورة النقاش حول قضايا الوحدة والتقارب، وهو إيمان مدعوم بالفكر والعمل، إلا أنني أجد هذه الاشارة غريبة جدا. فهي ربما توحي بأن التيار الذي أنتمي إليه ليس إسلاميا، أو أن إيمانه بالرسالة الخاتمة مجروح. كما أستغرب حشر موضوع الحوار المذهبي في ملتقى النهضة، لأنه عقد للحديث حول المجتمع المدني وليس حول المذاهب. والذين شاركوا فيه، جاؤوا أنهم مؤمنون بالمجتمع المدني سبيلا للنهضة أو كانوا معروفين بالنشاط في الدعوة إليه.

بقيت نقاط تستحق المناقشة. لكن يبدو أنني أطلت قليلا. لذا أعتذر من القراء الكرام. وأود تكرار دعوتي للأستاذ مهنا لايراد أدلة أو أمثلة يمكن الاستدلال بها لإثبات الأوصاف التي وصف بها التيار. كي يتلافى تهمة الإنشائية والعاطفية. وأكرر شكري له على هذه الإثارات المهمة التي قد تفتح بابا مفيدا للنقاش حول أوضاع بلدنا والفاعلين فيه. 

خاص بموقع “المقال”.

Twitter Digg Delicious Stumbleupon Technorati Facebook Email

عن توفيق السيف

مفكر سعودي مؤلف في العلوم السياسية وكاتب وناشط في مجال حقوق الإنسان
زيارة صفحة الكاتب على تويتر

لا توجد تعليقات... دع تعليقك

دع ردأً

يجب أن تكون مسجل دخول لإضافة تعليق