تعقيب على تعقيب المالكي بخصوص سيادة الشريعة

الكاتب:

23 نوفمبر, 2011 لاتوجد تعليقات

صالح علي الضحيان

قرأت مقال الأستاذ عبدالله المالكي بعنوان (الأجوبة على اعتراضات مقالة سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة ) .
فقبل الدخول بمناقشة الملاحظات على المقال أحب أن أبين أنني لا أتهم الأستاذ عبدالله ولا أقول انه يريد القفر على الشريعة عامداً فأنا أظن به ظناً حسنا ً , وأحفظ له صدق نيته وبحثه عن الحق وطلب الوصول إليه ولكن ليسمح لي أن أختلف معه رغبة في إثراء الموضوع وقصداً للعصد في وسط هذا الحراك الفكري .

أقول مستعيناً بالله :
أولاً لنحرر مكان النزاع حتى نعرف أين وجه الخطأ في مقال المالكي  :
فالأخ المالكي يرى أن تطبيق الشريعة الإسلامية أمر لازم وحتمي على الأمة الإسلامية ولا يسعها أمام الله إلا ذلك . ومن أجل ذلك فهو يبحث عن أفضل السبل من وجهة نظره لتحقيق هذا التطبيق . ووصل إلى أن تطبيق الشريعة لا يكون إلا بأحد طريقين:
الطريق الأول تغلب الحاكم المتسلط وسماه ( التغلب )    والطريق الثاني طريق الانتخابات وسماه ( التعاقد ) . ويرى أن استطاعة التطبيق معدومة إلا بهذين الطريقين  ويقول كلنا لا يريد الحاكم المتسلط ، وعليه لا يكون أمامنا طريق لتطبيق الشريعة الإسلامية إلا طريق الانتخابات ( التعاقد ) .. لأن الاستطاعة تحتاج ملزم ولا أحد يملك الإلزام فنلجأ  ( للتعاقد ) … هذا مجمل رأي الأخ المالكي .

واختلافنا معه هو أنه يريد أن ( يضع الشريعة مع القوانين الوضعية ) في استفتاء عام بحيث يتم الحكم على صلاحيتها للتطبيق من عدمه عبر صناديق الانتخابات . هذه ( الإشكالية فقط هي محل النزاع بين المالكي والمعارضين ) . وليس كما فهم بعض المؤيدين للمالكي أن المعارضين لا يريدون تطبيق الديموقراطية . مع العلم أن المعارضين يؤيدونه بالدخول في الانتخابات إذا كانت الأمة لا تستطيع تطبيق الشريعة .

الآن وبعد تحرير محل النزاع نبين بعض نقاط الاعتراض وندلي بما نراه صواباً حتى نصل جميعاً إلى تحصيل المراد ، ومراد التحصيل :

ما هي السيادة :
تكلم الأخ المالكي عن السيادة ووضع تعريفاً خاطئاً لسيادة الشريعة وبعيداً عن مقصود السيادة ، إذ هو يجزم أن سيادة الشريعة معناه أن تقوم الشريعة بذاتها وتأمر وتنهى وتؤدب وتقيم الشرائع وتحكم بين الناس وأن تختار نفسها بنفسها . ويسخر ممن يطالب بسيادة الشريعة وهو يسوق هذا التعريف وقد ضرب لنا مثال بـ ( لاس فيجاس ) .
وهو بهذا التعريف يجعل سيادة الشريعة مثل سيادة الأمة . ويخير بين سيادة الشريعة أو سيادة الأمة ويجعل بينهما صراع حول من يفوز بالسيادة، وقد أكثر من الشرح حول هذا المعنى وهو بعيد جداً عن الواقع فقد سود جزءً كبيراً من مقاله وهو يقرر هذا المعنى وأصبح كمن يحرث بالماء أو يخط في الهواء  .

أقول للأستاذ عبد الله : سيادة الشريعة ليست كما فهمت وقررت .  فالسيادة تختلف باختلاف الأنواع ، وباختلاف المسود عليهم ، فسيادة الشريعة تختلف عن سيادة الأمة . إذ إن سيادة أي شيء تكون على جنسه . فالشمس لها السيادة على الكواكب والقمر له السيادة على النجوم والأسود لها السيادة على الحيوانات وهكذا .
فعلى هذا يكون تعريف سيادة الشريعة هي أن تسود الشريعة على جميع القوانين والأنظمة الوضعية  وغير الوضعية وأن تكون الشريعة قاهرة للقوانين ومهيمنة عليها ولا يجوز تقديم أو مساواة أي قانون أو أي  نظام عليها في أي زمان أومكان .

فسيادة الشريعة وسيادة الأمة سيادتان لا تعارض بينهما . وسيادة الشريعة ثابتة عند المسلمين لا تتغير . وسيادة الأمة متغيرة تنقص وتزيد حسب قوتها وضعفها .
فالذي يخير الناس بين القانون والشريعة يكون قد أهان سيادة الشريعة .  ومن يضعها رهن صناديق الاقتراع فقد ابتذل وانتقص سيادة الشريعة .
أما سيادة الأمة فهي مطلوبة لتحقيق سيادة الشريعة ولا تعارض بين السيادتين ، ولا يجوز لسيادة الأمة أن تهين سيادة الشريعة ، وسيادة الشريعة كفيلة بسيادة الأمة . ونحن نريد تحقيق السيادتين معاً سيادة الشريعة وسيادة الأمة .
والكاتب لاشك يؤمن بسيادة الشريعة على القوانين الوضعية ، ويعلم أنه لا يجوز لسيادة الأمة أن تهين سيادة الشريعة .

على ما سبق نقول إذا كانت الأمة أمةً مسلمة ولكنها عاصية وفاسقة و( لا تريد تطبيق الشريعة ) هل يجوز لها أن تهين سيادة الشريعة بتقديم القانون عليها ؟ الجواب بما أنها أمة مسلمة لا يجوز . . والمسلم وقع عقداً مع الله بأن لا يهين الشريعة.
إذن اتفقنا على أن الأمة المسلمة لا يجوز لها شرعاً إهانة سيادة الشريعة سواء من يريد التطبيق أو من لا يريد التطبيق كلهم لا يجوز لهم أن يهينوا سيادة الشريعة بتقديم القوانين الوضعية عليها لأنهم مسلمون .

ووضع تطبيق الشريعة رهن الاستفتاء إهانة لسيادتها ، حتى لو كان ذلك مطلب لبعض المسلمين العاصين فلا يجوز الاستجابة لطلبهم لأنهم مسلمون يريدون إهانة سيادة الشريعة  . وعلى المسلمين الذين (  لا )  يريدون تطبيق الشريعة أن يلتزموا بالعقد الذي أبرموه مع الله .

أما لو قال قائل هذا ينطبق على الأمة المسلمة . لكن ماذا لو كانت الغالبية غير مسلمة أي ليس بينهم وبين الله عقد ؟
الجواب :  هنا يكون تطبيق الشريعة حسب الاستطاعة فإذا كانت هذه الفئة الغير مسلمة بيدها الغلبة فيسقط التطبيق لعدم الاستطاعة وهذا ليس هذا محل النزاع . لأن النزاع في كيفية تطبيق الشريعة ( مع الاستطاعة ) لذا نحن نتكلم عن المجتمع الذي غالبيته مسلمون لأنهم غالباً يستطيعون تطبيق الشريعة وجعلها فوق دستورية . أما مع عدم وجود الإستطاعة فنحن متفقون على عدم وجوب التطبيق .

يبقى السؤال من الذي يقوم بالإلزام أو من يتولى إلزام الأمة بتطبيق الشريعة ؟ أو من يضع الشريعة فوق دستورية ؟
الجواب أن الذي يقوم بإلزام الأمة بوضع الشريعة فوق دستورية ويأمر بتطبيقها ، هو الذي يقوم بإلزام الأمة بتطبيق الدموقراطية .
بمعنى أن الذي ألزم الأمة بالديموقراطية يستطيع إلزامها بوضع الشريعة فوق دستورية .
فيقال : أن الأمة هي التي ألزمت نفسها بتطبيق الديموقراطية بالتعاقد بينها .
فنقول : أيضا الأمة هي التي ألزمت نفسها بتطبيق الشريعة بالتعاقد مع الله.
فيرد المعترض : ولكن الأمة يوجد فيها من ( لا ) يريد تطبيق الشريعة .
فنقول له :  أيضا الأمة يوجد فيها من ( لا )  يريد تطبيق الديموقراطية على الشريعة .
فيرد المعترض : ولكن الأمة فيها غير المسلمين ليس لهم عقد مع الله .
فنقول له : أيضا الأمة فيها من ليس له عقد على الاستفاء على الشريعة .

الجواب السابق والمحاورة السابقة سقتها تنزلاً مع إجابة من يرى أن التعاقد ملزم . وإلا فالصحيح أن الأمة ليست هي من يلزم نفسها بالديموقراطية وإنما الذي يلزم بذلك هو من يملك القوة وبيده التوجيه مثل المجلس العسكري في مصر أو الجيش في تونس أو المجلس الانتقالي في ليبيا . فلو أراد المجلس العسكري في مصر إلغاء الديموقراطية والانفراد بالحكم لاستطاع .
والمجلس العسكري في مصر يملك الإلزام بالديموقراطية ، ويملك الإلزام بتطبيق الشريعة وجعلها فوق دستورية ، ويملك الانفراد بالسلطة .

وهناك إلزام آخر يلزمهم بتطبيق الشريعة وجعلها فوق دستورية وهو العقد الذي أبرموه مع الله حين أسلموا وهو الإيمان بوجوب تطبيق الشريعة . فإما أن يوفوا بالعقد مع الله ويختاروا الشريعة للتطبيق أو يعتبرون ناكثين للعهد ظالمين لأنفسهم .

فنقول للكاتب نحن أمام تعاقدين :
الأول / تعاقد الأمة مع بعضها على إقامة الديموقراطية .
الثاني / تعاقد المسلمين مع الله على تطبيق الشريعة وجعلها فوق الدستور .
فإن احتج الكاتب بوجود غير مسلمين لم يدخلوا في التعاقد مع الله .  قلنا له أيضا هناك جزء من الأمة لن يدخلوا في التعاقد على الاستفتاء على الشريعة .  والكاتب يطالبنا بالوفاء بالتعاقد على إقامة الديموقراطية وأن لا ننكث فيه . ونحن نطالب بالوفاء بالتعاقد على تطبيق الشريعة وأن لا ننكث فيه .
فإذا كان من دخل بالديموقراطية يكون أبرم عقداً مع الأمة يجب الوفاء به في تحقيق الديموقراطية .
فكذلك من دخل بالإسلام يكون أبرم عقداً مع الله بوجوب تطبيق الشريعة يجب الوفاء به . وأي العقدين أولى بالوفاء .

والعارف العالم بالأمور السياسية  يعلم أن كلاً من تطبيق الشريعة وإقامة الديموقراطية تحتاج إلى الملزم صاحب الإرادة . وكلاهما تعرضتا للاضطهاد والإقصاء في العالم العربي لعدم وجود الملزم . فالديموقراطية حاولت أكثر من مرة ولكنها فشلت لعد وجود الملزم .

السؤال للأستاذ المالكي ومن يوافقه بالطرح :  بما أن المجلس العسكري في  مصر أفراد مسلمون ( أبرموا عقداً مع الله بتطبيق الشريعة ومنحها السيادة على القوانين ) وهم الآن يستطيعون ذلك بحكم أنهم يملكون القوة فهل يجوز لهم أن ينقضوا العهد مع الله ويطرحوا الشريعة للاستفتاء ؟

والكاتب حينما تكلم عن السيادة وتطبيق الشريعة  لم يؤصل المسألة تأصيلاً جامعاً . فهي ليست نمطاً واحداً . فالمسألة فيها التطبيق للشريعة مع الاستطاعة وفيها التطبيق مع عدم الاستطاعة وفيها التدرج بالتطبيق حسب الاستطاعة وللمصلحة ، وهناك ارتكاب أقل المفسدتين وتحصيل أعلى المصلحتين كل هذه الأمور معتبرة أثناء تطبيق الشريعة .
والحالة التي بينها الكاتب وحاول تأصيلها وصب مقاله عليها لا تصلح إلا في حالة واحدة فقط وهي حالة عدم استطاعة التطبيق  . وأنا أوافقه إلى ما ذهب إليه في حالة عدم الاستطاعة . لأن الأمة في هذه الحالة  لا تستطيع إيقاف إهانة سيادة الشريعة فيدخلون مع الأمة في التعاقد عبر صناديق الاقتراع للتقليل من إهانة الشريعة وتخفيف بعض الشرور كما عمل نبي الله  يوسف عليه السلام مع الملك الكافر .

أما مع استطاعة تطبيق الشريعة فلا يجوز للأمة أن تتعاون مع الآخرين في إهانة سيادة الشريعة والدخول في مساواتها مع القوانين الوضعية  والاقتراع عليها. فهذا من باب التعاون على الإثم والعدوان . إذ كيف يساوونها بالقوانين ويهينون سيادتها وهم يستطيعون تطبيقها بدون ذلك.

فإن قال قائل ما ضابط الاستطاعة التي تجعل الأمة لا خيار لها إلا تطبيق الشريعة  ؟
الجواب تكون الاستطاعة بأمرين:
أولاً / أن تكون الأمة المسلمة غالبة في مجموعها ولا يوجد قوة تقهرها وتمنعها من التطبيق ، فيجب أن تقرر الشريعة الإسلامية كمبدأ فوق الدستور . وتجري الإنتخابات بدون المساس بالشريعة.

ثانياً / أن يوجد قوة قادرة من المسلمين بيدها توجيه الأمة كما في المجلس العسكري في مصر . فالمجلس العسكري في مصر يعتبر قوة ( من المسلمين ) تستطيع هذه القوة فرض تطبيق الشريعة وجعلها من المبادئ فوق الدستورية . وتجري الإنتخابات مع حفظ سيادة الشريعة . ولا يسع المجلس العسكري  أمام الله إلا ذلك لأنهم وقعوا عقداً مع الله بتطبيق الشريعة.
فإن رفض المجلس العسكري في مصر مثلاً تطبيق الشريعة ونكث العهد مع الله تكون الأمة هنا في مرحلة عدم الاستطاعة ولا يجب عليها التطبيق .

والساند والملزم لهذين الأمران في أولاً وثانياً هو وجود التعاقد مع الله لأنهم مسلمون وقعوا عقداً مع الله بتطبيق شرعه، ويجب عليهم الوفاء بهذا العقد .
فإن قال قائل إن القوة القادرة وإن كانت مسلمة قد ترفض تطبيق الشريعة فلا سبيل للإلزام هنا .
نقول وقد ترفض القوة القادرة نتائج الديموقراطية أو تتلاعب بها وتزورها فلا سبيل للفوز هنا .
وفي الحالتين تكون الأمة في مرحلة عدم الاستطاعة في تطبيق الشريعة وفي مرحلة عدم الاستطاعة في إقامة الديموقراطية .

والكاتب نظرته للاستطاعة تختلف عن ما حررناه عالياً فهو يرى أنه لا يوجد استطاعة أبداً إلا عن طريق التغلب بأن يغلب فرداً أو حزباً ويقهر الأمة ويأخذ السيادة منها أو عن طريق الفوز بالانتخابات ويسميها سيادة الأمة . وهو يأخذ بالثاني ويرى أنه لا يوجد طريق لتطبيق الشريعة إلا بالدخول بالانتخابات . ومن المعلوم أن هذين الطريقين  طريق التغلب وطريق الانتخابات ليس مضموناً فيهما تطبيق الشريعة . فقد يستبد المتغلب ،،  وقد لا تفرز الانتخابات من يطبق الشريعة.

يذكر الكاتب أننا إذا أردنا تطبيق الشريعة فليس أمامنا إلا أحد خياران لا ثالث لهما (إما  مسار (التعاقد) . وإما مسار (التغلّب) .
ويقول: ( نحن إذن .. بين سيادتين، إما : (سيادة الأمة) أو (سيادة الحاكم الفرد المتغلب) .
وقد أكثر الكاتب من ذكر الحاكم المتغلب وكأنه خيار لازم لتطبيق الشريعة عند المطالبين بالتطبيق . ولم أرى أو أقرأ عن احد طالب بالحاكم المتغلب من أجل تطبيق الشريعة وهو ليس خيار أحد فلماذا ترديده والإكثار من ذكره .
وليس صحيحاً أنه لا يوجد غير هذين الخيارين لتطبيق الشريعة حيث يوجد خيار ثالث وهو وضع الشريعة فوق دستورية بأن تكون مبادئ حاكمة .ويكون التعاقد على ما دونها .
وإذا كان الكاتب لا يرى تطبيق الشريعة إلا عن طريق الانتخابات فماذا يكون لو تم وضع قوانين فوق دستورية تمنع تطبيق الشريعة فما فائدة الانتخابات هنا وما فائدة التعاقد إذا كانت الشريعة متعطلة . وما هو الحل عند الكاتب .

والغريب من الكاتب أنه يريد أن ينقل لنا الديموقراطية من الغرب بعجرها وبجرها ، سيئها وصالحها بدون أن يعمل فكره في تنقيحها  ومواءمتها وإخضاعها لأصولنا الشرعية  ، وكأننا كمسلمين لا نملك فكراً ولا نهتدي إلى طريق يجعلنا نهذب الديموقراطية ونجعل منها منتجاً صالحاً لبيئتنا ومجتمعنا وموافقة لمبادئنا . هذا هو الأصل الذي ينبغي أن يكون عليه الأستاذ عبدالله المالكي . أليس هو الذي يقول : (فالباحثون الشرعيون بحاجة ماسة إلى تقديم محاولات جادة وكثيرة لأجل تشكيل (نظرية سياسية معاصرة وفق التصور الإسلامي) . لمن يوجه هذا الكلام أليس الأولى أن يعمل به هو .

ومن المعلوم أن الغرب في قوانينه أخذ كثيراً من مواد الفقه الإسلامي وصاغها في ما يناسب مجتمعه وبيئته ومعتقداته ونسبها منتجاً له . لماذا لا نعمل ذلك مع الديموقراطية بأن نجعل شريعتنا مادة حاكمة وفوق دستورية ونجعل الانتخابات تكون في ما دون ذلك . لماذا لا يشجع الكاتب على استقلالية المسلمين ؟ لماذا لا نصنع من الديموقراطية منتجاً إسلامياً ، بأن نستوردها ونصوغها ونهذبها ونعدل فيها ونغير اسمها ونسوقها على أنها منتج إسلامي .


يقول الكاتب :
  ( بل حتى ” تطبيق الشريعة ” في المجال العام عبر الامتثال الذاتي وبدون سيادة، فهو لا يحتاج إلى السيادة لمجرد الامتثال الذاتي حتى وإن كان في (الحيّز العام)، كما هو حاصل للمسلمين الآن في بلاد الغرب . ) .
أقول : لا بد من وجود السيادة في تطبيق الشريعة في المجال العام وإن كان الامتثال ذاتياً ، كما هو حال المسلمين في الغرب . وذلك لأن القوانين في الغرب تمنحهم السيادة الذي تعني  ( الحرية وعدم القهر ) وبدون هذه السيادة لا يستطيعون تأدية الشعائر الإسلامية في المجال العام . ففي إيران لا يستطيع المسلمون السنة إقامة صلاة العيد علانية لعدم امتلاكهم السيادة . وممنوعون من بناء مسجد لهم في طهران لسلبهم السيادة على ذلك .

وأثناء توضيح الأستاذ المالكي للديموقراطية  والسيادة تعدى على السلفيين وجار عليهم وأصدر فيهم حكماً غير ديموقراطي حينما قال إنهم ينقلبون على الديموقراطية وينكثون بالعهد ويغدرون بالأمة إذا لم يفوزوا بها . ولا أدري من أين جاء بهذا الحكم هل هناك ديموقراطيات سابقة انقلب عليها السلفيون جعله يستقى منها هذا الحكم . التاريخ لا يذكر انقلاباً للسلفيين على أي حكومة . وأبعد الناس عن الانقلابات هم السلفيون فهم يحرمون إشاعة الفتنة ، و يحرمون الخروج على ولي الأمر !!!
لماذا يا أستاذ عبد الله هذا التخويف من السلفيين وإرعاب العالم منهم ؟ لماذا تصفهم بالنكوث والغدر والانقلاب .

والغريب أن التاريخ يشهد بعكس ذلك . نعم التاريخ يشهد بانقلاب التيارات الأخرى على الإسلاميين حين فازوا بالانتخابات . ألم تنقلب الأحزاب في الجزائر على الإسلاميين بالتعاون مع الجيش حينما فاز الإسلاميون . ألم تنقلب وتتآمر الأحزاب بالتعاون مع العالم على منظمة حماس الإسلامية حينما فازت بالانتخابات وضيقوا عليها وحاصروها وتعاونوا مع من يقتلها .
ثم أي انقلاب تتكلم عنه وأنت تتكلم عن الديموقراطية  هل يملكون الانقلاب في الحكومة التعاقدية ، أين الجيش وأين القوة العسكرية التي تحمي الديموقراطية وتدافع عنها .
هؤلاء السلفون في مصر دخلوا المنافسة عبر الديموقراطية . هل لو لم يفوزوا سينقلبون على الأمة ويغدروا بها . وهل يستطيعون ذلك .
إذن لماذا ذكرت هذه الجزئية في مقالك . ألا يعد هذا تأليباً على السلفيين وتخويفاً للأمم منهم .
لا أظنك تجهل موقف السلفيين من ولي الأمر وأنه لا يجوز الخروج عليه ولو كان فاسقاً . بينما التيارات والأحزاب الأخرى تجيز الخروج بدون شرط ولا قيد . لا يزال عجبي .

خاص بموقع “المقال”

Twitter Digg Delicious Stumbleupon Technorati Facebook Email

لا توجد تعليقات... دع تعليقك

دع ردأً

يجب أن تكون مسجل دخول لإضافة تعليق